136

La Foi

الإيمان

Chercheur

محمد ناصر الدين الألباني

Maison d'édition

المكتب الإسلامي،عمان

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

Lieu d'édition

الأردن

فزعموا أنهما بمعنى واحد. واستشهدوا بذلك على ما ادعوه من أن الشِّرْعَة هي المنهاج، فقال المخالفون لهم: النأي أعم من البعد، فإن النأي كلما قل بعده أو كثر، كأنه مثل المفارقة، والبعد إنما يستعمل فيما كثرت مسافة مفارقته، وقد قال تعالى ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٦]، وهم مذمومون على مجانبته والتنحي عنه، سواء كانوا قريبين أو بعيدين، وليس كلهم كان بعيدًا عنه، لاسيما عند من يقول: نزلت في أبي طالب، وقد قال النابغة: والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد والمراد به ما يحفر حول الخيمة لينزل فيه الماء ولا يدخل الخيمة، أي صار كالحوض فهو مجانب للخيمة ليس بعيدًا منها. فصْل فإذا تبين هذا، فلفظ [الإيمان] إذا أطلق في القرآن والسنة يراد به ما يراد بلفظ [البر] وبلفظ [التقوى] وبلفظ [الدين] كما تقدم؛ فإن النبي ﷺ بين أن " الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " فكان كل ما يحبه الله يدخل في اسم الإيمان، وكذلك لفظ [البر] يدخل فيه جميع ذلك إذا أطلق، وكذلك لفظ [التقوى] وكذلك [الدين]، أو [دين الإسلام] وكذلك روى أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ﴾ الآية [البقرة: ١٧٧]، وقد فسر البر بالإيمان، وفُسِّر بالتقوى، وفسر بالعمل الذي يقرب إلى الله والجميع حق، وقد روي مرفوعًا إلى النبي ﷺ أنه فسر البر بالإيمان. قال محمد بن نصر: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن يزيد المقري والملائي قالا: حدثنا المسعودي، عن القاسم قال: جاء رجل إلى أبي ذَرٍّ فسأله عن الإيمان، فقرأ: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ﴾ إلى آخر الآية،

1 / 143