L'imamat à la lumière du Coran et de la Sunna

Ibn Taymiyya d. 728 AH
175

L'imamat à la lumière du Coran et de la Sunna

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

بل قد ثبت في الصحاح والمساند والمغازي، واتفق عليه الناس، أنه لما كان يوم أحد وانهزم المسلمون، صعد أبو سفيان على الجبل وقال: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجيبوه". فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجيبوه" فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجيبوه". فقال لأصحابه: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله، إن الذي عددت لأحياء، وقد بقي لك ما يسوؤك. فقال: يوم بيوم بدر. فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. ثم أخذ أبو سفيان يرتجز ويقول: أعل هبل ... أعل هبل

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبوه"؟ فقالوا: وما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجل". فقال: إن لنا العزى ولا عزى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تجيبوه" فقالوا: وما نقول؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم". فقال: ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني"(¬1).

فهذا جش المشركين إذ ذاك لا يسأل إلا على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلو كان القوم خائفين من علي أو عثمان أو طلحة أو الزبير أو نحوهم، أو كان للرسول تأييد بهؤلاء، كتأييده بأبي بكر وعمر، لكان يسأل عنهم كما يسأل عن هؤلاء، فإن المقتضى للسؤال قائم، والمانع منتف، ومع وجود القدرة والداعي وانتفاء الصارف يجب معه وجود الفعل.

Page 176