215

لكم من الجهل ، ودعوا الجهالة لأهلها ، فإن أهل الجهل كثير ، وأهل العلم قليل ، وقد قال الله عز وجل : « وفوق كل ذي علم عليم » (1).

أقول : ما أوقع الناس في مهامه الجهالة ، ومتائه الضلالة إلا الاعتماد على آرائهم وخواطرهم دون ان يراجعوا في الكتاب والسنة الى الثقل الثاني العترة علماء الكتاب والسنة ، وقد رأيت كيف أوضح لهم الحق في شأن الزهد.

مناظرته في صدقة :

لا ريب في أن الناس تقع بالجهل والتيه اذا اعتمدوا على أنفسهم دون أن يرجعوا الى أهل العلم الصادق ، فيكون الجاهل تائها في قفار الجهل ويحسب أنه عالم بالشريعة ، ومن الذي يرشده الى الهدى والناس مثله اذا لم يكن المرشد العالم بالشريعة كما جاءت.

ولقد كانت بين الصادق عليه السلام وبين جاهل يدعي العلم مناظرة في صدقة يحدثنا عنها الصادق نفسه فيقول : إن من اتبع هواه واعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء الناس تعظمه وتصفه ، فأحببت لقاءه حيث لا يعرفني ، فرأيته قد أحدق به كثير من غثاء العامة ، فما زال يراوغهم حتى فارقهم ولم يقر فتبعته ، فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله وأخذ من دكانه رغيفين مسارقة ، فتعجبت منه ، ثم قلت في نفسي : لعله معاملة ، ثم أقول : وما حاجته إذن الى المسارقة ، ثم لم أزل أتبعه حتى مر بصاحب رمان ، فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة ، فتعجبت منه ثم قلت في نفسي : لعله معاملة ، ثم أقول : وما حاجته إذن إلى المسارقة ، ثم لم أزل

Page 218