وراموا أن يشاركوه في هذه الكرامة والسقاية منها ، فأبى عليهم ، وطلبوا محاكمته عند كاهنة هذيل في الشام ، وعند ما رأوا منه الكرامات في طريقهم الى الشام عدلوا عن محاكمته ، وتركوا له زمزما وسقاية الحاج.
وهو الذي أنذر أبرهة قائد الأحباش والأمير على اليمن من قبل النجاشي ملك الحبشة حين جاء من اليمن بجيش كثيف قاصدا هدم البيت ليتحول العرب عن الحج إليه ، ولم يخرج عبد المطلب من البيت كما خرجت قريش هاربة من سطوة الأحباش ، فكان آخر أمر الأحباش الدمار ، كما أفصح عن ذلك الكتاب المجيد (1) فجاء الحال وفقا لما أنذرهم به سيد الأبطح.
فكانت قريش تحسده لهذه المفاخر ، وصاحب الفضيلة محسود ، وما اكتفى أمية بما لقيه من منافرة هاشم حتى حاول منافسة عبد المطلب ، فحمل أمية عبد المطلب على المسابقة ، فسبقه عبد المطلب واستعبده عشر سنين.
وكان حرب بن أمية أيضا يفاخر عبد المطلب بوفره وبأهله ، تجاهلا منه بأن الشرف إنما هو بالفضيلة ، والأعمال الجليلة ، حتى طلب منافرة عبد المطلب ، وتلك جرأة كبرى يدفعه إليها الحسد والغرور ، وإن علم يقينا أنه لا يشق غبار شيخ قريش ، غير انا نحسبه انه كان يعتقد أن المنافرة وحدها تجعل له المكانة العالية وإن نفره عبد المطلب ، ولقد تعجب النافر من طمع حرب في منافرة شيخ البطحاء ، والأعمال وجدها كافلة بخسران حرب ، فقال النافر لحرب :
أبوك معاهر وأبوه عف
وذاد الفيل عن بلد حرام
وهذا شاهد على ما كان عليه عبد المطلب وأهله ، وحرب وآباؤه من خلتين شهيرتين دعت وجوه الناس على الحكم لهاشم وولده في كل منافرة ومنافسة.
Page 15