L'Imam Abu Hanifa
الإمام أبو حنيفة طبقته وتوثيقه
والذي نفسي بيده وقلمي بقدرته، لو كتب مثل هذا أحد من العوام الذين هم كالأنعام، بل هم أضل من الأنعام لم يكن فيه العجب بذلك العجب؛ لكونهم غير بالغين إلى مدارج الكمال، غير واقفين على معارج الرجال، غافلين عن تصريحات المحدثين والمحققين، نائمين عن تنقيحات المؤرخين والمدققين، مستعجلين في إنكار ما استبعدته أفهامهم، مسترسلين في إيثار ما استفهمته أوهامهم، يسلكون مسلك التعصب، وينكسون منسك التصلب، يتغنتون ولا ينصفون، ويخبطون ولا يتأملون، وما الله بغافل عما يعملون، ينبئهم بما كانوا يفعلون.
هم الذين يقيسون أحوال الكبراء على أحوال نفوسهم الردية، ويسوون بين أفعال الأولياء وبين أفعالهم الغوية، ينكرون ما أقيمت عليه الدلائل ولا يفهمون، ويفرون مما شهدت به الأماثل ولا يثبتون، تراهم سائحين(1) في أودية الضلال، وسابحين(2) في حفرة الجدال، يكتفون بالقيل والقال، ولا يرتقون من حضيض المقال إلى قلة الحال، تراهم كلما سمعوا منقبة من مناقب المجتهدين، لاسيما منقبة أبي حنيفة سيد المجتهدين تحيروا وتجهلوا وتحمقوا وتحتاوا وأنكروا واستبعدوا، وكلما نظروا فضيلة من فضائل الأولياء الصالحين وأماثل الكاملين استنفروا واستقبحوا واستعجبوا واستنكروا واستنكفوا واستكبروا.
Page 171