L'Imam Abu Hanifa
الإمام أبو حنيفة طبقته وتوثيقه
السادس: أن المجتهدين والمحدثين وسائر العلماء المعتمدين اتفقت كلماتهم على أن أبا حنيفة كان من المجتهدين، وأطبقت عباراتهم على أنه معدود في المنتقدين؛ ولذلك ترى العلماء يذكرون قوله في معرض أقوالهم، ويدرجون حاله في أثناء أحوالهم، ويهتمون بآثاره رفعا وقدحا، ويعتنون بشأنه دفعا وجرحا، فمع ذلك، القول بأنه لم تبلغه إلا سبعة عشر لا يتفوه به إلا من بدماغه الضرر؛ فإن من لا يبلغه إلا هذا المقدار لا يكون له اعتبار، ولا يعد من زمرة أرباب الاجتهاد، ولا يلتفت إلى قوله عند ذكر أقوال أرباب الاعتماد.
((فإن قلت: نحن نلتزم أنه لم يكن مجتهدا.
قلت: فحينئذ يكون قول المحدثين والمؤرخين وسائر العلماء المعتبرين أنه من المجتهدين، وذكرهم له في أثناء ذكرهم، وذكر قوله ومذهبه عند ذكر أقوالهم ومذاهبهم، وإشاعة قوله فيما بينهم ردا وقبولا كاذبا وباطلا، ومن التزم ذلك فهو أجهل الجاهلين باليقين))(1).
السابع: إنهم ((أجمعت كلماتهم على أن أبا حنيفة كان من الفقهاء، حتى قال محمد بن إدريس الإمام الشافعي: إن الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، ولم يذكره أحد من المؤرخين والمحدثين إلا وصفه بفقيه أهل العراق، ومن المعلوم أن هذه الصفة لا توجد بدون قوة الاجتهاد، فإنه يشترط في حصول الفقه ملكة الاستنباط والاجتهاد كما هو مصرح في كتب أصول الفقه؛ ولذلك صرحوا أن المقلد الذي ليس له ملكة الاستنباط ليس بفقيه، بل هو حاك وناقل، فلو لم يكن تبلغه إلا سبعة عشر حديثا كيف يصح حكمهم ذلك، وكيف يصح حكم الشافعي فيما هنالك))(2).
Page 148