Science of Jurisprudence Principles
علم أصول الفقه
Maison d'édition
مكتبة الدعوة - شباب الأزهر
Lieu d'édition
القاهرة
القاعدة الرابعة
في نسخ الحكم
«لا نسخ لحكم شرعي في القرآن أو السنة بعد وفاة الرسول ﷺ. وأما في حياته، فقد اقتضت سنة التدرج بالتشريع، ومسايرته المصالح نسخ بعض الأحكام التي وردت فيهما ببعض نصوصها نسخًا كليا، أو نسخًا جزئيا» .
النسخ في اصطلاح الأصوليين:
هو إبطال العمل بالحكم الشرعي بدليل متراخ عنه، يدل على إبطاله صراحة أو ضمنًا، إبطالًا كليًا أو إبطالًا جزئيًا لمصلحة اقتضيته، أو إظهار دليل لاحق نسخ ضمنًا العمل بدليل سابق.
حكمته:
وهذا النسخ وقع في التشريع الإلهي، ويقع في كل تشريع وضعي، لأن المقصود من كل تشريع سواء أكان إلهيا أم وضعيا تحقيق مصالح الناس. ومصالح الناس قد تتغير بتغير أحوالهم. والحكم قد يشرع لتحقيق مصالح اقتضتها أسباب، فإذا زالت هذه الأسباب فلا مصلحة في بقاء الحكم. كما ورد أن وفودًا من المسلمين وفدوا على المدينة في أيام عيد الأضحى، فأراد الرسول أن يقيموا بين أخوانهم في سعة، فنهى المسلمين عن ادخار لحوم الأضاحي حتى تجد الوفود فيها توسعة عليهم، فلما رحلوا أباح للمسلمين الادخار، وقال ﵇: «إنما نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة ألا فادخروا»، ولأن عدالة التشريع تقتضي التدرج وعدم مفاجأة من يشرع لهم بما يشق عليهم فعله، أو ما يشق عليهم تركه، وهذا التدرج يقتضي التعديل والتبديل.
كما وقع في حكم الخمر، فإن الله ﷾ لم يشرع تحريمها في ابتداء التشريع، ولكن بين سبحانه أن فيها إثمًا كبيرًا، ومنافع للناس، وأن أثمها أكبر من نفعها، وكان هذا تهيئة وتمهيدًا إلى تحريمها، لن الذي ضرره أكبر من نفعه يجدر بالعقل أن يجتنبه، ثم أمر المسلمين أن لا يقربوا الصلاة وهم سكارى، فكان هذا تمهيدًا ثانيًا لتحريمها واجتنابها، لأن أوقات الصلاة متعددة ومتفرقة، فلا يأمن
1 / 222