Ilm Ilal al-Hadith et son rôle dans la préservation de la Sunna prophétique
علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية
Maison d'édition
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Genres
علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية
إعداد: د. وصي الله بن محمد عباس الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فمما لا شك فيه أن السنة النبوية بجميع أنواعها أصل للدين الحنيف مع كتاب الله ﷿، وكلاهما وحي من الله ﷿ إلى نبيه الكريم ﷺ.
قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:٣-٤]، وقد قضى الله سبحانه وأكَّد أن السنة مبينة لكتاب الله، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم﴾ [النحل: من الآية٤٤] .
ولما كانت وظيفة السنَّة أنها موضحة لكتاب الله؛ وجب أن تكون محفوظة بحفظ الله، محفوفة برعاية الله حتى لا يضيع منها شيء ولا يدخل فيها ما ليس منها، تكفل الله بحفظها وصيانتها، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:٩] .
ولماكان المسلمون مأمورين باتباع النبي ﷺ في قوله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: من الآية٥٩] كان لابد أن يحافظوا على ما صدر عنه ﷺ.
ومما لا يُختلف فيه: أن الدين هو رأس مال المسلم، وقد عرف المسلم أن الدين لا يُفهم، والهداية لا تحصل، إلا بمعرفة أصول الدين: كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، والإجماع والقياس لا يبنيان إلا عليهما.
1 / 1
فلما كانت السنة بهذه المنزلة من العظمة في الشأن؛ كان من الأمور البدهية أن يحافظ عليها الرسول ﷺ، ويحفظها صحابته.
ومعلوم من فطرة البشر أنه كلما رأى الشيء غاليًا ومهمًا بالغ في حفظه وصيانته. وقد شهد التاريخ الصادق أن صحابة رسول الله ﷺ الذين اختارهم الله لصحبة نبيه، كانوا أول الدارسين لهذا العلم المبارك على يد سيد الخلق ﷺ، في أول جامعة متنقلة جمعت بين نُزَّاع القبائل وخلاصة البطون والأفخاذ في دار الأرقم بمكة، ثم انتقلت هذه الجامعة إلى يثرب التي صارت طيبة لطيب الرسول ﷺ، واستقرت في مسجد رسول الله ﷺ. وكانت هذه الجامعة تنتقل أينما حل وارتحل معلمها، الذي كان يُلَقَّى العلم والوحي من لدن العليم الحكيم، وكان ينزل به عليه الروح الأمين. نعم كان طلبة السنة النبوية يتنقلون مع نبيهم حتى في طريق ذهابه إلى الخلاء لقضاء حاجته، فيحمل أحدهم الإداوة من الماء، والثاني العَنَزَة، ويتعلمون منه أدب الخلاء.
كان أولئك الطلبة الأبرار ينتقلون مع معلمهم ﷺ في الغزوات والسفرات والحج والعمرات، فما يلفظ من قول إلا يقع في قلوب أصحابه، فيجدون حلاوته وطلاوته، ويحفظونه حفظًا وعلمًا، ويعملون به عملًا، فتعلموا العلم والعمل، يكرمونه إكرامًا، ويهابونه إجلالًا، ويحبونه أحب من أنفسهم وآبائهم وأولادهم.
وكان المعلم المبارك ﷺ رحيمًا رفيقًا، يتخولهم بالموعظة والتعليم، يدخل مجامعهم رجالًا ونساءً، فما من أحد صحبه ﷺ رجلًا كان أو امرأة، صغيرًا كان أو كبيرًا، إلا ويحفظ عنه على قدره، ويتشرف بدعوته المباركة: “نضَّر
1 / 2
الله امرأ سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فرب مُبَلَّغٍ أوعى من سامع" (١) . فإن كان آلاف الصحابة يتعلمون منه خارج بيوته في وضح النهار وإدباره أعماله وحركاته، فمن أين لنا أن نعلم سننه وأموره ولياليه بعدما تتشرف به جدران حجراته فتستر وجوده الشريف عن أعين الناس بما يأتي به، ويذر في جنح الظلام؟ نعم، هناك أزواجه أمهات المؤمنين الكثيرات ينقلن عنه أموره الخاصة حتى مما يستحيا من ذكره، ولكنه دين الله وأمر الله لتبليغ دينه، فنجدهن ينقلن إلى أبنائهن ما كان يعمله النبي ﷺ في خلوته معهن.
ثم وراء هذا يحرص أحدهم من محارم أمهات المؤمنين أن يبيت في بيت النبي ﷺ، حتى يتعلم كيف كان يقضي ﷺ ليله في عبادة ربه، ويصعد أحدهم على سطح بيت إحدى أمهات المؤمنين -وهي أخته- لبعض حاجته، فيتفق له أن يرى النبي ﷺ جالسًا في الكنيف يقضي حاجته، فيروي في ذلك: "فرأيت رسول الله ﷺ مستدبرًا القبلة مستقبلًا الشام" (٢) .
وبذلك يجب أن نؤمن أنه لا يمكن أن تكون كلمة من النبي ﷺ ضاعت بل حفظت حفظًا تامًا.
وإن بعضهم كان يعالج الشدة في حفظ السنة، فإذا اشتكى إلى النبي ﷺ نسيانه وتَفَلُّتَ محفوظه، أشكاه ﷺ بدعوته المباركة.
ثم صار أصحاب رسول الله ﷺ معلمين لأصحابهم، فأدوا الأمانة إلى تابعيهم، وتابعوهم إلى تابعيهم، حتى دونت السنة تدوينًا في الكتب، وحُفظت عن ظهر القلوب.
_________
(١) صحيح الجامع الصغير (٦/٢٩) .
(٢) انظر صحيح البخاري (١/٢٥٠)، كتاب الوضوء، باب التبرز في البيوت.
1 / 3
وشهد التاريخ الصادق أن المسلمين في كل عصر ومصر بذلوا كل مستطاعهم لحفظ السنة من كل دخيل يدخل فيها سهوًا أوعمدًا.
وإن علوم الحديث وقواعده التي قَعَّدوها لمعرفة صحيح حديث رسول الله وضعيفه، تدل على توفيق الله لهم على ما وهبهم من القوة في الإرادة والذكاء والفطنة.
ففي كل عَصْرٍ تحمَّل علماء السنة مسؤوليتهم، فحموا السنة، وألَّفوا فيها تآليف، وحرروا المسائل، وترجموا لآلاف الرواة، وحكموا عليهم بعلم وخبرة وسبْر واستقراء، وأعطوا كل ذي حق حقه من الثقة والضعف.
هذا ومن أهم فنون علم الحديث: فن معرفة العلل، فإنه من أدقها وأطلبها للجهد والكدِّ، فإن هذا العلم لا يحصل إلا بجمع الطرق واستيعاب الرواة المهملين والمشتبهين والمؤتلفين والمختلفين وغيرهم ولا يقوم به إلا أفذاذ وأفراد.
وفي الصفحات الآتية نذكر لمحة عن علل الحديث تحت عنوان "علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية"، نقدمه لندوة عناية المملكة العربية السعودية – أقامها الله وأدامها– بالسنة والسيرة النبوية.
وقد انتظم البحث في هذه المقدمة وبابين وخاتمة.
أما الباب الأول فاشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأول: في تعريف العلة.
الفصل الثاني: في أقسام العلة.
الفصل الثالث: في بيان أهمية علل الحديث.
الفصل الرابع: في مواضع العلة في الحديث.
1 / 4
الفصل الخامس: في أسباب العلة في الحديث.
وأما الباب الثاني فاشتمل على أمثلة تطبيقية للعلل في ضوء شروط الصحيح. وفيه فصول:
الفصل الأول: أمثلة للأحاديث التي وقعت العلة فيها في معرفة العدل من غيره.
الفصل الثاني: أمثلة وقعت العلة فيها لأجل ضبط الراوي وعدم ضبطه.
الفصل الثالث: أمثلة وقعت العلة فيها لأجل عدم الاتصال عن طريق خفي.
الفصل الرابع: أمثلة وقعت العلة فيها لأجل الشذوذ.
الفصل الخامس: في تعليل الحديث بعلل عامة.
والخاتمة: وتشمل خلاصة البحث وبعض الاقتراحات.
1 / 5
الباب الأول العلة: تعريفها وأقسامها وبيان أهمية معرفته وأسبابها ومواضعها
الفصل الأول: في تعريف العلة
تعريف العلة لغة
...
الباب الأول: العلة: تعريفها وأقسامها وبيان أهمية معرفتها وأسبابها ومواضعها
الفصل الأول: في تعريف العلة
تعريف العلة لغة:
يظهر من النظر في أقوال اللغويين أن مادة (عَلَّ) تأتي لثلاثة معان:
الأول: العَلَل وهي الشربة الثانية، ويقال: عَلَلٌ بعد نَهْلٍ، والفعل يَعُلُّون.
والثاني: العائق يَعوق، قال الخليل: العِلَّة حَدَثٌ يَشغَل صاحِبَه عن وجْهه، ويقال: اعتلَّه عن كذا أي اعتاقه.
والثالث: العلة: المرض وصاحبها مُعْتَلّ. قال ابن الأعرابي: علَّ المريض يَعِلُّ عِلَّة فهو عَلِيلٌ، ورَجُلٌ عُلَلَة، أي كثير العِلَل.
ومن هذا الباب وهو باب الضَّعف؛ العَلّ من الرجال: المُسِنّ الذي تضاءل وصَغُر جسمه. وقال ابن الأعرابي: العَلّ الضعيف من كبر أو مرض (١) .
وصيغة الصفة من العلة بمعنى المرض: معتل كما سبق وهو من اعتلَّ.
وقال الفيروزابادي: والعِلة بالكسر المرض. علَّ يَعِلُّ واعتلَّ، وأعلّه الله فهو مُعَلّ وعليل، ولا تقل: معلول. والمتكلمون يقولونها ولست منه على ثَلَجٍ (٢) .
وذكر ابن منظور كلمة "معلول" بمعنى المصاب بالعلة، ثم قال: والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول في مثل هذا كثيرًا.
_________
(١) انظر "معجم مقاييس اللغة" (٤/١٢-١٥) .
(٢) القاموس المحيط (٤/٢١) .
1 / 7
قال ابن سِيده: وبالجملة فلستُ منها على ثقة ولا على ثَلَج، لأن المعروف إنما هو أعلَّه الله فهو مُعَلّ، اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه من قولهم: مجنون ومسْلول من أنه جاء على جَنَنْتُه وسَلَلْتُه (١) .
وقد تَبع ابنَ سيده فيما يظهر الفيروز آبادي، فقال في "القاموس": ولا تقل: معلول، والمتكلمون يقولونها ولستُ منه على ثلَج (٢) .
ووافق ابن الصلاح على تخطئة إطلاق معلول على الحديث الذي فيه عِلّة حيث قال: ويسميه أهل الحديث "المعلول" وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: العلة، والمعلول مرذول عند أهل اللغة والعربية (٣) .
وكذلك لحَّنه النووي في تقريبه (٤) .
ولكننا نقول: إن استعمال أهل الحديث كلمة المعلول بالمعنى الذي أرادوه ليس مخالفًا للغة، لأنه قد استعملها أبو إسحاق الزجاج اللغوي في علم العروض قريبًا من المعنى الذي عناه أهل الحديث (٥) .
ونقل الشيخ طاهر الجزائري عن ابن القوطية (٦) وهو من أهل اللغة: عَلّ الإنسان: مَرِضَ، والشيءُ أصابته العلة، فيكون استعماله بالمعنى الذي أرادوه
_________
(١) لسان العرب (١١/٤٧١) .
(٢) القاموس المحيط (٤/٢١) .
(٣) علوم الحديث (ص٨١) .
(٤) تقريب النواوي مع تدريب الراوي ١/٤٠٧ (ط، دار العاصمة) .
(٥) انظر فتح المغيث للسخاوي (١/٢١٠) .
(٦) هومحمد بن عبد العزيز الأندلسي القرطبي النحوي علامة الأدب أبوبكر، كذا وصفه الذهبي في السير (١٦/٢٢٠) وقال: كان رأسًا في اللغة والنحوحافظ الحديث إخباريًا ماهرًا، توفي في ربيع الأول سنة ٣٦٧هـ.
1 / 8
غير منكر، بل قال بعضهم: استعمال هذا اللفظ أولى لوقوعه في عبارات أهل الفن مع ثبوته لغةً، ومَنْ حفظ حجة على من لم يحفظ (١) .
وأما استعمال أهل الحديث "معلول" الذي أشار إليه من أشار فهو كما أشار (٢) .
_________
(١) توجيه النظر (ص٢٦٤) .
(٢) التقييد والإيضاح (ص١١٨،١١٧) .
والعلة في اصطلاح أهل الحديث: بمعنى فن خاص من فنون المصطلح، فهي عبارةٌ عن أسباب خفية قادحة في صحة الحديث، مع أن ظاهره السلامة منها، ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر (٣) . أو نقول: العلة في اصطلاح أئمة الحديث: عبارة عن أسباب خفية غامضة طرأت على الحديث فأثرت فيه، أي: قدحت في صحته (٤) . وأما بالمعنى العام فتطلق العلة على كل سبب جارح قادح في صحة الحديث سواء كان ظاهرًا أم خفيًا. قال ابن الصلاح: “قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف. المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ "العلة" في الأصل؛ ولذلك نجد في كتب الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ، ونحو ذلك من أنواع الجرح، وسمَّى الترمذي النسخ علة من علل الحديث. _________ (٣) انظر علوم الحديث لابن الصلاح (ص٨١) . (٤) توضيح الأفكار (٢/٢٦-٢٧) .
والعلة في اصطلاح أهل الحديث: بمعنى فن خاص من فنون المصطلح، فهي عبارةٌ عن أسباب خفية قادحة في صحة الحديث، مع أن ظاهره السلامة منها، ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر (٣) . أو نقول: العلة في اصطلاح أئمة الحديث: عبارة عن أسباب خفية غامضة طرأت على الحديث فأثرت فيه، أي: قدحت في صحته (٤) . وأما بالمعنى العام فتطلق العلة على كل سبب جارح قادح في صحة الحديث سواء كان ظاهرًا أم خفيًا. قال ابن الصلاح: “قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف. المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ "العلة" في الأصل؛ ولذلك نجد في كتب الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ، ونحو ذلك من أنواع الجرح، وسمَّى الترمذي النسخ علة من علل الحديث. _________ (٣) انظر علوم الحديث لابن الصلاح (ص٨١) . (٤) توضيح الأفكار (٢/٢٦-٢٧) .
1 / 9
ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط حتى قال: من أقسام الصحيح على ما هو صحيح معلول، كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو شاذ" (١) .
_________
(١) علوم الحديث لابن الصلاح (ص٨٤) .
1 / 10
الفصل الثاني: في أقسام العلة
قال ابن الصلاح: "ثم قد تقع العلة في إسناد الحديث وهو الأكثر، وقد تقع في متنه، ثم ما يقع في الإسناد قد يقدح في صحة الإسناد والمتن جميعًا، كما في التعليل بالإرسال والوقف. وقد يقدح في صحة الإسناد خاصة من غير قدح في صحة المتن" (١) .
قال ابن حجر في نكته: "إذا وقعت العلة في الإسناد قد تقدح، وقد لا تقدح، وإذا قدحت فقد تخصه، وقد تستلزم القدح في المتن، وكذا القول في المتن سواء. فالأقسام على هذا ستة:
١- فمثال ما وقعت في الإسناد ولم تقدح مطلقًا: ما يوجد مثلًا من حديث مدلّس بالعنعنة، فإن ذلك عِلَّةٌ تُوجِبُ التوقف عن قبوله، فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح فيها بالسماع تبين أن العلة غير قادحة.
وكذا إذا اختلف في الإسناد على بعض رواته، فإن ظاهر ذلك يوجب التوقف عنه، فإن أمكن الجمع بينهما على طريق أهل الحديث بالقرائن التي تحفّ الإسناد تبين أن تلك العلة غير قادحة.
٢- ومثال ما وقعت العلة فيه في الإسناد وتقدح فيه دون المتن ما مثل به المصنف من إبدال راوٍ ثقة براوٍ ثقة وهو بقسم المقلوب أليق؛ فإن أبدل راوٍ ضعيف براو ثقة وتبين الوهم فيه استلزم القدح في المتن أيضًا، إن لم يكن له طرق أخرى صحيحة كما روى يعلى بن عبيد الطنافسي عن الثوري عن
_________
(١) علوم الحديث (ص٨٢) .
1 / 11
عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي ﷺ: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"، فغلط يعلى في قوله: عمرو بن دينار إنما هو عبد الله بن دينار، كما رواه الأئمة من أصحاب الثوري (١) . يعني فلا يضر في صحة المتن؛ لأن عبد الله وعَمْرًا كلاهما ثقة.
٣- تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه وفي المتن، ومن أغمض ذلك أن يكون الضعيف موافقًا للثقة في نعته.
ومثال ذلك ما وقع لأبي أسامة حماد بن أسامة الكوفي أحد الثقات عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر - وهو من ثقات الشاميين قدم الكوفة، فكتب عنه أهلها ولم يسمع منه أبو أسامة، ثم قدم بعد ذلك عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وهو من ضعفاء الشاميين، فسمع منه أبو أسامة، وسأله عن اسمه فقال: عبد الرحمن بن يزيد، فظن أبو أسامة أنه ابن جابر، فصار يحدِّث عنه وينسبه من قبل نفسه، فيقول: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فوقعت المناكير في رواية أبي أسامة عن ابن جابر، وهما ثقتان فلم يفطن لذلك إلا أهل النقد، فميزوا ذلك ونصوا عليه كالبخاري وأبي حاتم وغير واحد.
٤- ومثال ما وقعت العلة في المتن دون الإسناد، ولا تَقْدَح فيهما، ما وقع من اختلاف ألفاظ كثيرة من أحاديث الصحيحين، إذا أمكن ردُّ الجميع إلى معنى واحد، فإن القدح ينتفي عنها. وسنزيد ذلك إيضاحًا في النوع الآتي إن شاء الله تعالى.
٥- ومثال ما وقعت العلة في المتن دون الإسناد: ما يرويه راوٍ بالمعنى
_________
(١) علوم الحديث لابن الصلاح: (ص٨٢) .
1 / 12
الذي ظنه يكون خطأ، والمراد بلفظ الحديث غير ذلك، فإن ذلك يستلزم القدح في الراوي، فيعلل الإسناد.
٦- ومثال ما وقعت العلة فيه في المتن، واستلزمت القدح في الإسناد، ما ذكره المصنف من أحد الألفاظ الواردة في حديث أنس ﵁ وهي قوله: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها" فإن أصل الحديث في الصحيحين، فلفظ البخاري: "كانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين" (١) .
_________
(١) النكت لابن حجر (٢/٧٤٦-٧٤٨)، ومقدمة علل الدارقطني (١/٣٩-٤٢) لأخينا محفوظ الرحمن السلفي رحمة الله عليه.
1 / 13
الفصل الثالث: أهمية علم علل الحديث
تظهر أهمية علم علل الحديث من تعريف العلة وهي سبب خفي قادح في صحة الحديث مع أن الظاهر السلامة منه.
ولما كان هذا العلم خفيًا غامضًا، كان إدراكه من أصعب الأمور، ولما كانت العلة تكثر في أحاديث الثقات فيعتمد عامة الناظرين على كون الثقة ثقةً ويقبلون حديثه تحسينًا للظن به وبحديثه فيصححون المعلول، وفيه من الخطورة ما لا يقادر قدرُه، بحيث يُنسب إلى النبي ﷺ قول أو فعل أو تقرير أو شيء آخر، ممَّا لم يثبت عنه ﷺ.
ولذا لم يقم بهذا العبء الكبير إ لا جهابذة الحديث، قال أبو عبد الله بن منده الحافظ: "إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرًا يسيرًا من كثير ممن يَدَّعي علم الحديث" (١) .
وقال الحاكم: "معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل، وإنما يعلل الحديث من أوجهٍ ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واهٍ، وعِلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات، أن يحدثوا بحديث له عِلَّةٌ فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولًا" (٢) .
وقال الإمام أحمد: "ومن يَعْرى من الخطأ والتصحيفر" (٣)؟
_________
(١) شرح العلل للترمذي (١/٣٣-٣٤) .
(٢) معرفة علوم الحديث (ص١١٢-١١٣) .
(٣) علوم الحديث لابن الصلاح (ص٢٥٢) .
1 / 14
وقال الإمام مسلم: "ومما ذكرت لك من منازلهم في الحفظ ومراتبهم فيه فليس من ناقل خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا -وإن كان من أحفظ الناس وأشدهم توقيًا وإتقانًا لما يحفظ وينقل- إلا الغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله، فكيف بمن وصفت لك ممن طريقه الغفلة والسهو في ذلك" (١)؟
ومن أهميته أن هذا العلم خاص بأهل الحديث الذين أخرجهم الله لحفظ سنة نبيه ﷺ، لا يصحّ لمن ليس له عناية خاصة بهذا العلم أن يتكلم فيه بالتصحيح والتسقيم.
قال الإمام مسلم: "واعلم رحمك الله أن صناعة الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم، إنما هي لأهل الحديث خاصة؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفون لها دون غيرهم، إذ الأصل الذي يعتمدون لأديانهم السنن والآثار المنقولة من عصر إلى عصرٍ من لدن النبي ﷺ إلى عصرنا هذا، فلا سبيل لمن نابذهم من الناس، وخالفهم في المذهب إلى معرفة الحديث، ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار من نقلة الأخبار وحُمّال الآثار، وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميّزونهم حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح، وإنما اقتصصنا هذا الكلام لكي نثبته لمَن جهل مذهب أهل الحديث ممن يريد التعلم والتنبّه، على تثبيت الرجال وتضعيفهم فيعرف ما الشواهد عندهم والدلائل التي بها أثبتوا الناقل للخبر من نقلته، أو أسقطوا من أسقطوا منهم، والكلام في تفسير ذلك يكثر، وقد شرحناه في مواضع غير هذا وبالله التوفيق" (٢) .
_________
(١) التمييز (ص١٢٤)، تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي. ط١.
(٢) التمييز (ص١٧١) .
1 / 15
من أهمية علم علل الحديث: أنه علم دقيق لا يقوم به إلا الفطاحل من العلماء
قال ابن الصلاح: "اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب" (١) .
وقال أبو عبد الله بن منده: "إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرًا يسيرًا من كثير ممن يدّعي علم الحديث، فأمّا شأن الناس ممن يَدَّعي كثرة كتابة الحديث أو أنه متفقه في علم الشافعي، أو أبي حنيفة، متبع لكلام الحارث المحاسبي، والجنيد، وذي النون، وأهل الخواطر، فليس لهم أن يتكلموا في شيء من علم الحديث إلا من أخذه من أهله وأهل المعرفة فحينئذٍ يتكلم بمعرفته" (٢) .
وقال عبد الرحمن بن مهدي: "معرفة الحديث إلهام، فلو قلت للعالم يعلِّل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة" (٣) .
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي ﵀ يقول: "جاءني رجل من جِلَّة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم، ومعه دفتر فعَرَضَه عَليّ فقلت في بعضها: هذا حديث خطأ، قد دَخَل لصاحبه حديث في حديث، وقلت في بعضه: هذا حديثٌ باطل، وقلت في
_________
(١) علوم الحديث لابن الصلاح (ص٩٠) من طبعة / نور الدين عتر.
(٢) شرح علل الحديث لابن رجب (٦١-٦٢) .
(٣) معرفة علوم الحديث للحاكم (١١٢- ١١٣) .
1 / 16
بعضه: هذا حديثٌ منكر، وقلت في بعضه: هذا حديث كذب، وسائر ذلك أحاديث صحاح، فقال لي: من أين عَلِمْت أن هذا خطأ، وأن هذا باطل، وأن هذا كذب، أخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت، وأني كذبت في حديث كذا؟ فقلت: لا، ما أدري ما هذا الجزء من رواية مَن هو؟ غير أني أعلم أن هذا خطأ، وأن هذا الحديث باطل، وأن هذا الحديث كذب، فقال: تدّعي الغيب؟ قال: قلت: ما هذا ادّعاء علم الغيب. قال: فما الدليل على ما تقول؟ قلت: سَلْ عمّا قلت من يُحْسِن مثل ما أُحْسِن، فإن اتفقنا علمتَ أنّا لم نُجازِفْ، ولم نَقُلْهُ إلا بفهم. قال: من هو الذي يُحسِن مثل ما تُحْسِن؟ قلت: أبو زرعة، قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قُلتَ؟ قُلتُ: نعم، قال: هذا عجب، فأخذ فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الأحاديث، ثم رَجَع إليَّ وقد كتب ألفاظ ما تكلّم به أبو زرعة في تلك الأحاديث، فما قلتُ: إنه باطل. قال أبو زرعة: هو كذب. قلت: الكذب والباطل واحد، وما قلتُ: إنه منكر، قال: هو منكر كما قلت، وما قلت: إنه صِحاحٌ، قال أبو زرعة: هو، صحاح. فقال: ما أعجب هذا، تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما، فقلت: ذلك أنا لم نُجازفْ، وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا. والدليل على صحّة ما نقوله بأن دينارًا نَبَهْرجًا يحمل إلى الناقد. فيقول: هذا دينارٌ نَبَهْرج، هل كنتَ حاضرًا حين بُهْرِج هذا الدينار؟ قال: لا، فإن قيل له: فأخبرك الرجل الذي بَهْرجَه: أني بهرجتُ هذا الدينار؟ قال: لا. قيل: فمِن أين قُلتَ: إن هذا نبهرج؟ قال: علمًا رُزِقتُ، وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك، قلت له: فتحمل فص ياقوت إلى واحدٍ من البصراء من الجوهريين، فيقول: هذا زجاج، ويقول لمثله: هذا ياقوت. فإن قيل له: من أين علمتَ أن هذا زجَاج، وأن هذا ياقوت، هل حضرت الموضع
1 / 17
الذي صُنِع فيه هذا الزجاج؟ قال: لا. قيل له: فهل أعلمك الذي صاغَه بأنه صَاغ هذا زجاجًا؟ قال: لا، قال: فمن أين علمت؟ قال: هذا علمٌ رُزِقتُ، وكذلك نحنُ رُزقنا علمًا، لا يتهيّأ لنا أن نُخبرك كيف علمنا بأن هذا الحديث كذب، وهذا منكر إلا بما نعرفه" (١) .
وقال ابن حجر: "المعلّل وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها، ولا يقوم به إلا من رَزَقه الله تعالى فهمًا ثاقبًا وحفظًا واسعًا ومعرفةً تامةً بمراتب الرواة، ومَلَكَةً قويّة بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل الشأن كعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، ويعقوب بن أبي شيبة، وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني،. وقد تقصر عبارة المُعَلِّل عن إقامة الحجة على دعواه كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم" (٢) .
هذه نصوص جهابذة علم الحديث تدل على ما عانوه وعالجوه، وقد أخبروا عن تجربة وخبرة ومراس.
وهنا تنبيه: ينبغي أن نفهم كلام الأئمة: ابن مهدي وأبي حاتم وابن حجر في أنه قد تقصر عبارة المعلل عن إقامة الحجة على دعواه كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم - على وجهه الصحيح، وهو أنه قد يُعَلِّل المُعَلِّل ولا حجة له فيه، في حينه حتى يُقنِع المخاطب، فقد تحصَّل له ملكة قوية راسخة، حتى إنه بمجرد النظر في إسناد الحديث ومتنه تظهر له صحته أو ضعفه فيحكم في أول وهلة ببصيرته أنه صحيح أو معلول، ولكن إذا طلبت منه حجة فلابُدَّ أن يذكرها ويذكر تفاصيلها وأدلتها.
_________
(١) تقدمة الجرح والتعديل (ص٣٤٩-٣٥١) .
(٢) نزهة النظر (ص٨٤)، مكتبة الغزالي دمشق.
1 / 18
فلا يمكن أن نجد حديثًا معللًا إلا دونه سبب لا يظهر لعامة الناس، لكن يختصر المعلل الحكمَ فيذكر حكمه بدون إبداء السبب.
وقد استدلَّ بقول ابن مهدي بَعضُ من له هوى في إنكار الحديث فتوسّع في تفسيره والاستدلال به فقال: إن المحدث قد يرى الحديث المتفق على صحته أنه ضعيف فهو ضعيف عنده، وبالعكس، ولا يستطيع إقامة الحجة على ذلك، وهو معذور في حكمه هذا، كالصيرفي الناقد يحكم على الدراهم بالزيف والصالح ويعجز عن إبانة السبب.
فنقول: ليس الأمر كما ذكر وفَهِم هذا البعض، فالواقع يخالف قوله، فهذه كتب العلل أمامنا إن وجد الإيجاز والاختصار في بعض المواضع منها نجد التفصيل في مواضع أخرى، فمثل المعلل كمثل الطبيب الحاذق إذا عرض له شخص ظاهره السلامة من الأمراض، لا يظهر المرض فيه لعامة الناس، فينظر فيه أوّل نظرة، ويبدي رأيه إجمالًا: أن فيه مرض كذا، فإذا أجرى له الفحص والفَسْر والتحليل والأشعة والاختبار يظهر صدق قوله بوضوح.
كما قال نعيم بن حماد: "قلت لابن مهدي: كيف تعرف صحيح الحديث من سقيمه؟ قال: كما يعرف الطبيب المجنون" (١) .
فالأمر كما قال الحاكم: "والحجة عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير، وليس لهذا العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة؛ ليظهر ما يخفى من علة الحديث" (٢) .
_________
(١) انظر شرح علل الترمذي لابن رجب (١/١٩٩) .
(٢) معرفة علوم الحديث (ص٦٠، ١١٣) .
1 / 19
الفصل الرابع: مواضع العلة في الحديث
مدخل
...
الفصل الرابع: مواضع العلة في الحديث
والمراد بالعلة هنا: السبب الخفي القادح في صحة الحديث.
يبدو لي أن العلة تجري في الحديث في جميع شروط الحديث الصحيح التي اشترطها الأئمة في تعريف الحديث الصحيح.
وهو: ما رواه عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ. مع القول بأن العلة تدخل في أحاديث الثقات وهي خفية، فقد يكون الراوي مهملًا يوافق في اسم الثقة غير الثقة، أو من المتفق والمفترق، فيظن الناظر أن الواقع في السند غير الثقة.
وكذلك القول في تمام الضبط، فقد يكون مشتهرًا بالضبط والتوثق ولكنه يكون قد أخطأ في حديث بذاته.
والضبط نوعان:
ضبط صدر: وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء.
وضبط كتاب: وهو صيانة الراوي كتابه لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي أو يروي منه. وقُيد بالتام في تعريف الحديث الصحيح إشارة إلى الرتبة العليا في ذلك (١) .
وفي هذا الجانب أيضًا تدخل العلة في حديث الثقة، فالبشر مهما أوتي من حفظ وضبط وذاكرة قوية فقد يأبى الله أن تكون العصمة إلا لأنبيائه الذين عصمهم من الخطأ والزلل، وتأتي أمثلة لذلك إن شاء الله.
_________
(١) نزهة النظر (ص٨٣) .
1 / 20
وضبط الكتاب قد يعتوره بعض الخلل في المقابلة والتصحيح، وقد يتمكن أحدٌ من المفسدين من كتاب الشيخ فيفسد عليه كتابه، ولذلك كانوا يبخلون عن إعارة كتبهم، وعدمُ إعارتهم للكتاب كان يعد مدحًا فيهم.
قال الإمام أحمد: قال أبو قطن (عمرو بن الهيثم) - وكان ثبتًا -: "ما أعرت كتابي أحدًا قط" (١) .
وقال علي بن قادم: سمعت سفيان يقول: "لا تُعِرْ أحدًا كتابًا". وقال الربيع بن سليمان: كتب إليّ البويطي: "احفظ كتبك، فإنه إن ذهب لك كتاب لم تجد مثله" (٢) .
وكأن هذا -والله أعلم- خوفًا من ضياع الكتب، وكذلك من التغيير والتبديل.
وكان بعض ضعاف النفوس يُدخل في كتب الناس أحاديث ليست من أحاديثهم، منهم حبيب بن أبي حبيب أبو محمد المصري وقيل المدني كاتب مالك، قال ابن حبان: كان يورّق بالمدينة على الشيوخ، ويروي عن الثقات الموضوعات، كان يدخل عليهم ما ليس من حديثهم، وسماع ابن بكير وقتيبة كان بعَرْض ابن حبيب، ذكره الذهبي في "الميزان" (٣) .
وقال ابن حبان في مقدمة كتابه "المجروحين": "وجماعة من أهل المدينة امتحنوا حبيب بن أبي حبيب الورّاق، كان يُدْخل عليهم الحديث، فمن سمع بقراءته عليهم فسماعه لا شيء. كذلك كان عبد الله بن ربيعة القدامي
_________
(١) العلل ومعرفة الرجال (١/٣٣٥)، رقم النص: ٦٧٨.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١/٢٤١) .
(٣) ميزان الاعتدال (١/٤٥٢) .
1 / 21