149

L'Iliade

الإلياذة

Genres

8

بطعنة من رمحه في صدره فوق حلمة الثدي، فالتصق البرونز برئته، وعندئذ اقترب منه «ثواس» وأخرج الرمح القوي من صدره، واستل حسامه البتار وضربه به في بطنه فسلب حياته. ومع ذلك فإنه لم يجرده من درعه؛ إذ التف حوله رفقاؤه، رجال تراقيا الذين تغطي رءوسهم شعور طويلة، شاهرين رماحهم، وبالرغم من عظمته وقوته وسؤدده، فقد دفعوه إلى الوراء بعيدا عنهم، فترنح وسقط. وهكذا رقد الاثنان منبطحين في الثرى، كل بجانب الآخر، أحدهما قائد «التراقيين» والآخر قائد «الأيبيين» المتدثرين بالبرونز، ومن حولهما كثير من القتلى الآخرين.

وبعد ذلك لم يستطع أي رجل آخر أن يخوض غمار المعركة ويستهين بها، فكل من لم يجرح بالسهام أو يطعن بالبرونز الحاد، أخذ يتحرك نحو الوسط، تقوده الربة «أثينا» من يده، فتحميه من الإصابة بالسهام، وهكذا رقدت في ذلك اليوم جموع غفيرة من الطرواديين والآخيين، كل بجانب الآخر، وقد دفنت وجوههم في الثرى.

الأنشودة الخامسة

«... فبسطت ذراعيها البيضاوين حول ابنها العزيز، ونشرت أمامه طية من ردائها اللامع لتكون وقاية ضد القذائف، حتى لا يقذفه أحد الدانيين ذوي الجياد السريعة برمح البرونز، فيخترق صدره ويزهق روحه ...»

كيف ألحق «ديوميديس»، بشجاعته الخارقة، أفدح الخسائر بالطرواديين، حتى لقد جرح «أفروديت» و «أريس»، بمساعدة الربة «أثينا» ... إلخ.

مفاخر «ديوميديس»!

ومنحت الربة «أثينا» القوة والشجاعة لابن توديوس. حتى يبرهن على تفوقه أمام جميع الأرجوسيين ويظفر بالصيت والمجد. لقد أشعلت من خوذته وترسه لهبا لا يخبو، أشبه بنجم الحصاد الذي يشرق أشد تألقا من جميع النجوم الأخرى، حين يستحم في مجرى «أوقيانوس». أشعلت بذلك اللهب من رأسه وكتفيه، ثم أرسلته وسط جموع الرجال الكثيفة. وكان بين الطرواديين كاهن هيفايستوس المدعو «داريس». وهو رجل ثري، لا غبار على سلوكه، وكان له ولدان: «فيجيوس» و«أيدايوس»، الماهران في جميع أساليب القتال. وقد فصل هذان الرجلان نفسيهما عن الجيش واندفعا نحو «ديوميديس»، وهما في عربتيهما بينما كان هو يهجم وهو واقف على قدميه فوق الأرض. ولما تقدم ثلاثتهم، واقترب الواحد من الآخر، بدأ «فيجيوس» بقذف رمحه الطويل، فمرق من فوق كتف ابن توديوس الأيسر دون أن يصيبه! فهجم هذا برمحه البرونزي الذي لم ينطلق عبثا من يده. بل أصاب عدوه في صدره بين ثدييه، وطوح به على العربة! فقفز أيدايوس إلى الوراء، تاركا العربة الجميلة، ولم تكن لديه الشجاعة ليخطو فوق جثة أخيه. كما أنه لم يكن لينجو من القدر الأسود، لولا أن هيفايستوس كان يحرسه فأنقذه، ولفه في ظلمة حتى لا يموت كاهنه العجوز - والد الفتى - كمدا! ومع ذلك فقد دفع ابن توديوس المقدام الخيول إلى الأمام، وسلمها إلى زملائه ليأخذوها إلى السفن الخاوية. بيد أن الطرواديين ذوي النفوس العالية، ما إن أبصروا ولدي داريس، يفر أحدهما ويخر الآخر صريعا بجانب العربة، حتى امتلأت قلوبهم جميعا باليأس. فأمسكت أثينا البراقة العينين بأريس الثائر من يده وقالت له: «أي أريس، يا أريس، يا جالب الشقاء على البشر، يا ناسف الحوائط الملطخ بالدماء، أما آن لنا أن نترك الآن الطرواديين والآخيين يتقاتلون، حتى يمنح الأب زوس المجد لمن يشاء منهما؟ هيا بنا نتنحى ونتحاشى غضب زوس!»

قالت ذلك وقادت أريس الهائج بعيدا عن المعركة. ثم جعلته يجلس فوق الشواطئ الرملية لسكاماندر، ففر الطرواديون أمام الدانيين، وقتل كل قائد رجلا من الأعداء، فانقض «أجاممنون» ملك البشر على أوديوس العظيم، قائد «الهاليزونيس»، فرماه بعيدا عن عربته، وكان قد استدار بادئ ذي بدء ليفر، فغرس القائد رمحه في ظهره بين كتفيه ودفعه إلى داخل صدره، فسقط محدثا صوتا، وصلصلت من فوقه عدته الحربية.

وقتل أيدومينيوس «فايستوس»، ابن بوروس، الميوني، الذي قدم من تارني العميقة التربة، بينما كان يعتلي عربته؛ إذ طعنه برمحه الطويل طعنة اخترقت كتفه اليمنى، فسقط من عربته تغشاه ظلمة رهيبة. وبعد ذلك شرع خدم أيدومينيوس يجردونه من حلته الحربية.

Page inconnue