187

Iktifa

الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء

Enquêteur

محمد عبد القادر عطا

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٠ هـ

Lieu d'édition

بيروت

لقد علم الأقوام أن سراتكم ... على كل حال خير أهل الجباجب «١»
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا ... بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء ومصدق ... غداة أبى يكسوم هادى الكتائب
كتيبته بالسهل تمسى ورجله ... على القاذفات فى رؤس المناقب «٢»
فلما أتاكم نصر ذى العرش ردهم ... جنود إله بين ساف وحاصب
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب ... إلى قومه ملحبش غير عصائب
فإن تهلكوا نهلك وتهلك عصائب ... يعاش بها قول امرىء غير كاذب
ثم إن قريشا اشتد أمرهم، للشقاء الذى أصابهم، فى عداوة رسول الله ﷺ ومن أسلم معه منهم، فأغروا برسول الله ﷺ سفهاءهم، فكذبوه وآذوه ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون، رسول الله ﷺ مظهر لأمر الله لا يستخفى به، مباد لهم بما يكرهون من عيب دينهم، واعتزال أوثانهم، وفراقه إياهم على كفرهم.
فحدث عروة بن الزبير أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله ﷺ فيما كانوا يظهرون من عداوته؟ قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما فى الحجر، فذكروا رسول الله ﷺ فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط! سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا، لقد صبرنا معه على أمر عظيم. أو كما قالوا. فبينما هم فى ذلك طلع رسول الله ﷺ فأقبل يمشى حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفا بالبيت، فلما مر بهم غمزوه ببعض القول.
قال: فعرفت ذلك فى وجه رسول الله ﷺ ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفت ذلك فى وجه رسول الله ﷺ، ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فوقف ثم قال: «أتسمعون يا معشر قريش؟! والذى نفسى بيده لقد جئتكم بالذبح» . قال:
فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع، حتى أن أشدهم وصاة فيه قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم، فو الله ما كنت جهولا. قال: فانصرف رسول الله ﷺ حتى إذا كان الغد

(١) الجباجب: بالضم هو المستوى من الأرض وهى هنا أسماء منازل بمنى سميت به لأنه كروش الأضاحى تلقى فيها أيام الحج.
(٢) القاذفات: أعالى الجبال، وقيل: هى كل ما أشرف من رؤس الجبال وأعاليها. المناقب: جمع منقبة، الطريق الضيق بين دارين أو جبلين لا يستطاع سلوكه.

1 / 184