272

Le Choix pour expliquer le choisi

الاختيار لتعليل المختار

Enquêteur

محمود أبو دقيقة

Maison d'édition

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

Édition

الأولى

Année de publication

1356 AH

Lieu d'édition

القاهرة

كتاب المأذون
وَيَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ وَبِالدَّلَالَةِ (ز) كَمَا لَوْ رَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَيَصِيرُ مَأْذُونًا بِالْإِذْنِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
[كِتَابُ المأذون]
ِ الْإِذْنُ فِي اللُّغَةِ: الْإِعْلَامُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾ [الحج: ٢٧] أَيْ أَعْلِمْ، وَمِنْهُ الْأَذَانُ؛ لِأَنَّهُ إِعْلَامٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ.
وَفِي الشَّرْعِ: فَكُّ الْحَجْرِ وَإِطْلَاقُ التَّصَرُّفِ لِمَنْ كَانَ مَمْنُوعًا عَنْهُ شَرْعًا، فَكَأَنَّهُ أَعْلَمَهُ بِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ وَإِطْلَاقِ تَصَرُّفِهِ، وَأَعْلَمَ التُّجَّارَ بِذَلِكَ لِيُعَامِلُوهُ، وَفَائِدَتُهُ اهْتِدَاءُ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إِلَى إِصْدَارِ التَّصَرُّفَاتِ وَاكْتِسَابِ الْأَمْوَالِ وَاسْتِجْلَابِ الْأَرْبَاحِ، وَقَدْ نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٦] أَيِ اخْتَبِرُوهُمْ بِشَيْءٍ تَدْفَعُونَهُ إِلَيْهِمْ لِيَتَصَرَّفُوا فِيهِ فَتَنْظُرُوا فِي تَصَرُّفِهِمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمَمْلُوكِ» وَلَا يُجَوِّزُ إِجَابَةَ دَعْوَةَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْإِذْنِ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، ثُمَّ الْعَبْدُ بِالْإِذْنِ يَصِيرُ كَالْأَحْرَارِ فِي التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفَاتِ بِأَهْلِيَّتِهِ بِأَصْلِ الْفِطْرَةِ بِاعْتِبَارِ عَقْلِهِ وَنُطْقِهِ الَّذِي هُوَ مَلَاكُ التَّكْلِيفِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ لِحَقِّ الْمَوْلَى لِاحْتِمَالِ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِ بِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِكَسْبِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِلْكُ الْمَوْلَى، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِتَصَرُّفِهِ فَيَتَصَرَّفُ بِاعْتِبَارِ مَالِكِيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّفُ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا كَانَ مَأْذُونًا مُطْلَقًا مَا لَمْ يَنْهَهُ، وَكَذَلِكَ إِذْنُ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ لِعَبْدِ الْيَتِيمِ، وَكَذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ، فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْ سُوءِ تَصَرُّفِهِ وَعَدَمِ هِدَايَتِهِ لِلْأَصْلَحِ، فَإِذْنُهُمَا لَهُمَا دَلِيلُ صَلَاحِيَةِ التَّصَرُّفِ فَجَازَ تَصَرُّفُهُ.
قَالَ: (وَيَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ وَبِالدَّلَالَةِ كَمَا لَوْ رَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا) لِأَنَّ سُكُوتَهُ عِنْدَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ دَلِيلُ رِضَاهُ، كَسُكُوتِ الشَّفِيعِ عِنْدَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مُحْتَمَلٌ، وَصَارَ كَالْوَكِيلِ. وَلَنَا أَنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْهُ يَتَصَرَّفُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْمَوْلَى سَاكِتٌ يَعْتَقِدُونَ رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا لَمَنَعَهُ فَيُعَامِلُونَهُ مُعَامَلَةَ الْمَأْذُونِ، فَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ سُكُوتُهُ رِضًى يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الْإِضْرَارِ بِهِمْ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ سُكُوتُهُ رِضًى دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمْ.
قَالَ: (وَيَصِيرُ مَأْذُونًا بِالْإِذْنِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ) فَالْعَامُّ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: أَذِنْتُ لَكَ فِي التِّجَارَةِ، وَأَذِنْتُ لَكَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ،

2 / 100