سمع قائلًا يقول: قراءتي للقرآن ولفظي بالقرآن، قراءة القرآن مفردة عن القرآن واللفظ منفرد عن القرآن، توهم أن كل واحد منهما غير ممازج للقرآن وليس كذلك وإنما قوله للقرآن بالقرآن تمييز للقرآن من غيره لأن القارئ قد يقرأ غير القرآن وهذا من أغمض ما مر وأدقه فتأمله وتدبره حتى تفهمه وسأزيده إيضاحًا:
كأن رجلًا يسمى محمدًا قرأ فسمعه رجل فقال عبد الله: ماذا قرأ.
فيقول زيد: القرآن.
وكذلك لو قال: ما أحسن لفظ محمد.
فقال عبد الله: وبماذا لفظ؟
فيقول له زيد: بالقرآن.
فالقرآن ههنا إنما هو تمييز وتبيين وكل واحد من القرآن واللفظ يجمع معنيين عملًا وقرآنًا.
[هل الإيمان مخلوق أم لا؟]
وذهب قوم من منتحلي السنة: إلى أن الإيمان غير مخلوق خوفًا من أن يلزمهم أن يقولوا ﴿لا إله إلا الله﴾ مخلوق. إذ كانت رأس الإيمان فركبوها شنعًا وجعلوا أفاعيل العباد غير مخلوقة صفات الله ﷿.
فيا سبحان الله ما أعجب هذا وأعجب قائليه ولقد آلف الناس (غير مخلوق) وأنسوا به حتى أنه ليخيل إلي أن رجلًا لو ادعى أن العرش غير مخلوق وأن الكرسي غير مخلوق لوجد على ذلك أشياعًا ينتحلون السنة فماذا جر جهم لا ﵀ على متبعيه بنحلته وعلى مخالفيه ببغضته.
وقد بلغني أن قومًا يذهبون إلى أن روح الإنسان غير مخلوقه، وأنهم يستدلون على ذلك بقول الله في آدم: ﴿ونفخت فيه من روحي﴾
1 / 65