أي تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك كما قال: ﴿وعنده مفاتح الغيب﴾ وكما يقول القائل: (عندي علم ذاك) .
وهذا كما ذهبوا إليه في احتمال التأويل على بعد والله أعلم بما أراده ولكن (عند) تدل على قرب وهم يزعمون أن الله تعالى لا يكون إلى شيء أقرب منه إلى شيء آخر، وأنه على العرش استوى في الحقيقة مثله في الأرض والعجب لقوم لا يؤمنون إلا بما يصح في المعقول، ثم خرجوا من كل معقول بقولهم: (إن الله في كل مكان بغير مماسة ولا مباينة وبغير موافقة ولا مفارقة) وقد قال أمية يذكر قرب موسى ﵇ من الله حين كلمه:
وهو أقرب الأنام إلى الله ... كقرب المداد للمنوال
يقول وهو كقرب مداد الثوب من الخشبة التي ينسج الثوب عليها والله يقول: ﴿وقربناه نجيا﴾، النجي في معنى المناجي وهو من كلمك من قرب كما يقال جليس مجالس، وأكيل مؤاكل. وكذلك كليم الله بمعنى مكالم الله، وخليل الله بمعنى مخال الله. قال الله ﷿: ﴿خلصوا نجيا﴾ وقال أبو زبيد يذكر رجلًا ساور الأسد:
وثار عليه إعصار وهيجا ... نجيًا ليس بينهما جليس
يريد أن كل واحد قرب من الآخر.
(الرد على متأولي العرش)
وطلبوا للعرش معنى غير السرير، والعلماء باللغة لا يعرفون للعرش معنى إلا السرير وما عرش من السقوف وأشباهها.
وقال أمية بن أبي الصلت:
1 / 47