348

Divergence des traces

Genres

============================================================

وأما موقف العلماء من الحالة الثانية - وهي ما إذا كان النهي راجعا لذات لمنهي عنه أو جزئه - فجمهور العلماء يذهب إلى آنه يقتضي الفساد المرادف لبطلان . وحجتهم في ذلك ما سبق : أما موقفهم من الحالة الثالثة - وهي ما إذا كان النهي راجعا إلى وصف لازم لمنهي عنه - فقد اختلفت أنظارهم في ذلك ذهب الجمهور إلى أن النهي عن العمل لوصف لازم له يقتضي فساد كل من أصل العمل ووصفه فسادا مرادفا للبطلان ، فهو عندهم نظير النهي عن العمل لذاته ، فلا يترتب عليه أي أثر من آثاره المقصودة منه .

و ذهب الحنفية إلى أن النهي في هذه الحال يقتضي فساد الوصف فقط : اما أصل العمل فهو باق على مشروعيته ، حتى إذا زال الوصف كان مشروعا ، ويطلقون عليه اسم الفاسد ، ويرتبون عليه بعض الآثار دون بعض ، فالفاسد عندهم هنا غير الباطل كما أسلفنا .

أما موقفهم من الحالة الرابعة - وهي ما إذا كان النهي راجعا لمجاور منفك - فجمهور العلماء يرى أن النهي لا يقتضي بطلان العمل ولا فساده ، بل يبقى صحيحا تترتب عليه آثاره المقصودة منه ، إلا أنه يترتب الاثم على فاعله وعدم اقتضائه الفساد ، لأن جهة المشروعية تخالف جهة النهي فلا تلازم بينهما .

وذهب الظاهرية إلى أن النهي يقتضي الفساد في صوره كلها ، فلا فرق بين المنهي عنه لذاته ، والمنهي عنه للوصف الملازم ، والمنهي عنه للمجاور المنفك.

قل الآمدي هذا القول عن مالك رضي الله عنه ، وعن أحمد في إحدى الروايتين عنه حيث قال :" ولا نعرف خلافا في أن ما نهي عنه لغيره أنه لا يفسد كالنهي عن البيع في وقت النداء يوم الجمعة ، إلا ما نقل عن مذهب مالك وأحمد ابان حنبل في إحدى الروايتين عنه . (1) (1) الإحكام للآمدي : (33/2) 348

Page 348