تقليدهم قُلْنَا أما الْعَاميّ فيقلدهم وَأما الْعَالم فَإِن جَازَ تَقْلِيد الْعَالم للْعَالم فقد اخْتلف قَول الشَّافِعِي فِي تَقْلِيد الصَّحَابَة فَقَالَ فِي الْقَدِيم يجوز تَقْلِيد الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ قولا وانتشر قَوْله وَلم يُخَالف
وَقَالَ فِي مَوضِع يُقَلّد وَإِن لم ينتشر
وَرجع فِي الْجَدِيد إِلَى أَنه لَا يُقَلّد الْعَالم صحابيا كَمَا لَا يُقَلّد الْعَالم عَالما آخر نقل الْمُزنِيّ عَنهُ ذَلِك وَأَن الْعمد على الْأَدِلَّة الَّتِي بهَا يجوز للصحابي الْفَتْوَى وَهُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار عندنَا انْتهى كَلَام الْغَزالِيّ ﵀
وَتَبعهُ على ذَلِك فَخر الدّين وَعَامة أَتْبَاعه والآمدي فِي الإحكام وَأعْرض ابْن الْحَاجِب عَن إِفْرَاد هَذِه الصُّورَة بِالذكر وَهُوَ الْحق لما ننبه عَلَيْهِ
فَإِن الَّذِي يظْهر أَن الإِمَام الشَّافِعِي حَيْثُ صرح بتقليد الصَّحَابِيّ لم يرد بِهِ التَّقْلِيد الَّذِي هُوَ مُتَعَارَف بَين الْعلمَاء وَهُوَ قبُول قَول غَيره مِمَّن لَا يجب عَلَيْهِ اتِّبَاعه من غير حجَّة بل مُرَاده بذلك أَن قَوْله حجَّة يجب اتباعها فَإِنَّهُ قَالَ فِي أدب القَاضِي ويشاور قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَأمرهمْ شُورَى بَينهم﴾ وَقَالَ لنَبيه ﷺ ﴿وشاورهم فِي الْأَمر﴾ قَالَ الْحسن إِن كَانَ لغنيا عَن مشاورتهم وَلكنه أَرَادَ بذلك أَن يستن بذلك الْأَحْكَام بعده وَلَا يشاور إِذا نزل بِهِ الْأَمر إِلَّا أَمينا عَالما بِالْكتاب وَالسّنة والْآثَار وأقاويل النَّاس ولسان الْعَرَب وَلَا يقبل وَإِن كَانَ أعلم مِنْهُ حَتَّى يُعلمهُ كعلمه أَن ذَلِك لَازم لَهُ من حَيْثُ لم تخْتَلف الرِّوَايَة فِيهِ أَو بِدلَالَة عَلَيْهِ أَو أَنه لَا يحْتَمل وَجها آخر أظهر مِنْهُ فَأَما أَن يقلده فَلم يَجْعَل الله ذَلِك لأحد بعد رَسُول الله ﷺ
1 / 43