La Permission d'Ahmad Ibn Yahya
إجازة العلامة أحمد بن يحيى حابس
Genres
قلت وبالله التوفيق: الواجب إفساد المال كما تقدم ذكره لئلا ينتفع به الظالمون، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، وترك إفساده معاونة لهم؛ لأن المعلوم أنهم ينتفعون به، وكذلك إجماع العترة عليهم السلام المقدم ذكره، كذلك دليل عليه فإن لم يتمكن من إتلافه ترك لهم ما استعانوا به منه بعد إذ، فلا يؤاخذ به لأنه لم يدخل في تحت وسعه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وليس ذلك بمرخص في بقائه، والدخول تحت طاعتهم؛ لأن انتفاعهم أهون من انتفاعهم بما يستمر من تسليم الأموال إليهم؛ لأن ما يستمر غير منقطع، وذلك منقطع ولا شك، إنما يتقوون به [517]على المنكر وينقطع أهون من الذي يتقوون به عليه ويستمر.
فإن قيل: فإن منها ما يستمر كالمزارع لأنه يأتي من زرعها ويستمر تسليمه إليهم من غلاته.
قلت وبالله التوفيق: قد بينت ما تقدم أن تسليم الأموال إليهم محرم من أرباب المزارع كان أو من غيرهم، والإثم على فاعله لقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} أي لاتحمل مذنب ذنب مذنب غيره، فلما كان كذلك علمنا أن الذنب على من يزرعها ويسلم إليهم من غلاتها دون من يحبب ذلك فهو كالزنا، وليس في شريعة الإسلام إباحة الزنا لأجل أن الغير لا يتركه، وذلك بحمد الله واضح.
وقالوا: قد عمت المحنة وشملت الفتنة، والمهاجر من أرضه لم ينج من تسليم الأموال إليهم.
قلت وبالله التوفيق: هذا خلاف ما نعلمه لأنا نعلم أن كثيرا من الأرص ذات الطول والعرض لو هاجروا إليها لنجوا من تسليم الأموال إليهم ولكن بعدت عليهم فكأن الأرض لم تكن إلا حيث يهوون، هلا اقتدوا بالمؤمنين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كان من هجرتهم إلى الحبشة تارة وإلى المدينة أخرى مع التعب الشديد والسفر البعيد.
قالوا: لسنا كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
Page 119