عنه وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى، إذ ليس هذا من فعله، وقد عفي لهذه الأمة عن خواطر عرضت ولم تستقر، وقد قال معناه الإمام المازري وتبعه عليه العراقي، فقال: أراد بحديث النفس ما اجتلب مكتسبًا لا ما يخطر غالبًا، وبقوله: "يحدث نفسه": إشارة له، قال: ما كان بلا قصد يرجى معه قبول صلاته وتكون دون صلاة من لم يحدِّث نفسه بشيء؛ لأنه ﷺ إنما ضمن غفرانًا لمراعيه؛ إذ قلَّ من تسلم صلاته من حديثها وإنما حصلت له هذه المرتبة لمجاهدة نفسه من خطرات الشيطان، ونفيها عنه، ومحافظته عليها، حتى لم يشتغل عنها طرفة عين، وسلم من الشيطان باجتهاده وتفريغه قلبه. هذا ما للعراقي، والصواب ما قدمته" اهـ، ما للنووي". قلت: وبنحوه في "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٣٦).
٢ و٣ - وقال السيوطي في "مرقاة الصعود" (٢٢ - ٢٣ درجات) عند شرح حديث رقم ١١٧) ما نصه:
"قال النووي "في شرحه" (^١): فيه دلالة لما كان ابن سريج يفعله؛ إذ كان يغسل أذنيه مع وجهه ويمسحهما أيضًا منفردين عملًا بمذاهب العلماء، فهذه الرواية تطهيرهما مع وجه ومع رأس (ثم أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته فتركها تستن على وجهه) قال النووي في "شرحه": هذه اللفظة مشكلة، إذ ذكر الصب على ناصيته بعد غسل وجهه ثلاثًا وقبل غسل يديه. فظاهره أنها مرة رابعة بغسل وجهه، فهذا خلاف إجماع المسلمين، فيتأول على أنه بقي من أعلى وجهه شيء لم يكمل بالثلاث، فأكمله بهذه القبضة".
_________
(^١) من منهج السيوطي في "المرقاة" -أو من صنيع مختصره البجمعوي- قوله عن "شرح سنن أبي داود": "قال نو بشرحه" وإذا نقل من "شرح صحيح مسلم" زاد عليه لفظة (م)، وسأثبت عبارته فيما يأتي.
1 / 26