Vivification des sciences de la religion

Al-Ghazali d. 505 AH
71

Vivification des sciences de la religion

إحياء علوم الدين

Maison d'édition

دار المعرفة

Lieu d'édition

بيروت

وفلان متكلم وفلان أكثر كلامًا وفلان أكثر عملًا وقال أبو سليمان المعرفة إلى السكوت أقرب منها إلى الكلام وقيل إذا كثر العلم قل الكلام وإذا كثر الكلام قل العلم وكتب سلمان إلى أبي الدرداء ﵄ وكان قد آخى بينهما رسول الله ﷺ (١) يا أخي بلغني أنك قعدت طبيبًا تداوي المرضى فانظر فإن كنت طبيبًا فتكلم فإن كلامك شفاء وإن كنت متطببًا فالله الله لا تقتل مسلمًا فكان أبو الدرداء يتوقف بعد ذلك إذا سئل وكان أنس ﵁ إذا سئل يقول سلوا مولانا الحسن وكان ابن عباس ﵄ إذا سئل يقول سلوا حارثة ابن زيد وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ سلوا سعيد بن المسيب وحكي أنه روى صحابي في حضرة الحسن عشرين حديثًا فسئل عن تفسيرها فقال ما عندي إلا ما رويت فأخذ الحسن في تفسيرها حديثا حديثًا فتعجبوا من حسن تفسيره وحفظه فأخذ الصحابي كفًا من حصى ورماهم به وقال تسألوني عن العلم وهذا الحبر بين أظهركم ومنها أن يكون أكثر اهتمامه بعلم الباطن ومراقبة القلب ومعرفة طريق الآخرة وسلوكه وصدق الرجاء في انكشاف ذلك من المجاهدة والمراقبة فإن المجاهدة تفضي إلى المشاهدة ودقائق علوم القلب تنفجر بها ينابيع الحكمة من القلب وأما الكتب والتعليم فلا تفي بذلك بل الحكمة الخارجة عن الحصر والعد إنما تتفتح بالمجاهدة والمراقبة ومباشرة الأعمال الظاهرة والباطنة والجلوس مع الله ﷿ في الخلوة مع حضور القلب بصافي الفكرة والانقطاع إلى الله تعالى عما سواه فذلك مفتاح الإلهام ومنبع الكشف فكم من متعلم طال تعلمه ولم يقدر على مجاوزة مسموعه بكلمة وكم من مقتصر على المهم في التعلم ومتوفر على العمل ومراقبة القلب فتح الله له من لطائف الحكمة ما تحار فيه عقول ذوي الألباب ولذلك قال ﷺ من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم (٢) من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس وضعفه (٣) حديث لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ سمعه وبصره وهو في الحلية كما ذكره المؤلف من حديث أنس بسند ضعيف // فكم من معان دقيقة من أسرار القرآن تخطر على قلب المتجردين للذكر والفكر تخلو عنها كتب التفاسير ولا يطلع عليها أفاضل المفسرين وإذا انكشف ذلك للمريد المراقب وعرض على المفسرين استحسنوه وعلموا أن ذلك من تنبيهات القلوب الزكية وألطاف الله تعالى بالهمم العالية المتوجهة إليه وكذلك في علوم المكاشفة وأسرار علوم المعاملة ودقائق خواطر القلوب فإن كل علم من هذه العلوم بحر لا يدرك عمقه وإنما يخوضه كل طالب بقدر ما رزق منه وبحسب ما وفق له من حسن العمل وفي وصف هؤلاء العلماء قال علي ﵁ في حديث طويل القلوب أوعية وخيرها أوعاها للخير والناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع اتباع لكل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا

(١) حديث مؤاخاته ﷺ بين سلمان وأبي الدرداء أخرجه البخاري من حديث أبي جعفة (٢) حديث (٣) وفي بعض الكتب السالفة يا بني إسرائيل لا تقولوا العلم في السماء من ينزل به إلى الأرض ولا في تخوم الأرض من يصعد به ولا من وراء البحار من يعبر به العلم مجعول في قلوبكم تأدبوا بين يدي بآداب الروحانيين وتخلقوا لي بأخلاق الصديقين أظهر العلم في قلوبكم حتى يغطيكم ويغمركم وقال سهل بن عبد الله التستري ﵀ خرج العلماء والعباد والزهاد من الدنيا وقلوبهم مقفلة ولم تفتح إلا قلوب الصديقين والشهداء ثم تلا قوله تعالى ﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو﴾ الآية ولولا أن إدراك قلب من له قلب بالنور الباطن حاكم على علم الظاهر لما قال ﷺ استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك وأفتوك وقال ﷺ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ ربه تعالى لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به الحديث

1 / 71