وأنت تعلم بهد إحاطتان بما أشرنا إلي أنه لا وجه لتعجبه منهم، بل العجب منه مع تحقيقه لمواطن الخلاف بين الفريقين، كي ظن كغيره من المغفلين أن الثواب والعقاب آجلا داخلان في البين، ويحسن ظنه بأسلافه، واعتمد على تجويزهم لمحل النزاع مع ظهور حيفة وإنحرافه..... لم ينفق عند هؤلاء المحققين، ولم يغتروا به عند وقوفهم عليه وتجويزهم لع تبعا لأصحابهم، وإنما اغتر به بعض الضعفاء الذين لم يعروفا موضاع الخلاف، وظنوا أنه لا نزاع إلا فيما كان داخلا فيه الثواب والعقاب آجلا، وهذا ظن كاذب وخيال باطل، وإلا لما كان ينبغي لهم أن يقولوا أنه لا يقبح منه تعالى قبيح، ولا يقولوا: بأن المنع من ذلك مبني على قاعدة المعتزلة في التقبيح العقلي، وكيف ساغ لهم أن يدخلوا الثواب والعقاب آجلا في محل النزاع م أنهم يعلمون أن نزاع المعتزلة في الحسن والقبح المعلومين يصرف العقل، وأن الثواب والعقاب آجلا إما يعلمان على حقيقتهما بالشرع، ولو كان محل النزاع كما حرروه بزعمهم لارتفع الخلاف في جميع أفعال الباري تعالى إذ لا ثواب فيها ولا عقاب قطعا واجماعا، فكيف يصح أن يقال أن منع التكليف لما لا يطاق، وتجويزه مثلا مبنيان على الخلاف في الحسن والقبح عقلا، وأنا كثير التعجب في سعد الدين كيق لم يتنبه مع كمال ذكائه على أن معنى ..... ذكره هؤلاء المحققون الذي تعجب هو منهم لا يريد على معنى قول جمهور الأشاعرة، بلك كلهم أنه لا نقص في الأفعال، بل هو بعينه ،، والمعتزلة لما قالوا للأشاعرة كيف يجوز عليه تعالى أن يجبر العبد على العصيان، ويمنعه من الإيمان[43] ثم يذمه ويعذبه أبدا في النيران؟ أجابوا: بأن المنع من ذلم مبني لى أصلكم في الحسن والقبح عقلا، ونحن معاشر الأشاعرة لا نقول به، بل نقول: أنه لا يسأل عما يعفقل كما صرح به الإمام الرازي وسائر الأشاعرة.
Page 102