قلت: عبارتهم في هذا المقام موهمة لخلاف المقصود، فإنه يفهم من قولهم يسمي قبل الاستنجاء وبعده في بحث الوضوء، أن التسمية الواردة في الحديث في باب الوضوء مسنونة في الوقتين .
ويفهم من اختلافهم الواقع في أنها قبله أو بعده، أن هذا الاختلاف واقع في التسمية الواردة في الوضوء، وهذا هو الذي بعث الشرنبلالي على زيادة لفظ كذلك، كما عرفت .
والذي يخطر بالبال، والله أعلم بحقيقة الحال أن التسمية المدلولة لحديث: ((لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه))(1)، بلفظ من اللفظين المذكورين سابقا، إنما محلها ابتداء الوضوء بعد الفراغ من الاستنجاء وغيره، فإن الاستنجاء وإن كان من توابع الوضوء، ولذا ذكروه في بحثه.
لكن الوضوء إنما يطلق من غسل اليدين، فإن من استنجى لا يقال له إنه شارع في الوضوء، إنما يقال له ذلك عند اشتغاله بغسل اليدين بعد الفراغ من الاستنجاء وغيره، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما نفى عمن ترك التسمية الوضوء لا ما هو من توابعه، فعلم أن هذه التسمية محلها عند ابتداء الوضوء ويدل عليه أيضا قوله: ((يا أبا هريرة إذا توضأة...))(2) الحديث. حيث لم يقل إذا استبرأت.
Page 92