ولينظر في التوفيق بين هذه، وكيف كان، فهي متظافرة على عدم ذكره صلى الله عليه وعلى آله وسلم اسم الله على غير طهارة، ومقتضاه انتفائه في أول الوضوء، وما أعل به غير قادح عند المتأمل، فهي معارضة لخبر التسمية بعد القول بحسنه بناء على أن كثرة طرق الضعيف ترقيه إلى ذلك، وهو أوجه القولين بل بعضها بخصوصه حسن لمن تأمل كلام أهل الشأن عليها، فتخرجه عن السنية كما أخرجته عن الإيجاب، وكذا عدم نقلها في حكاية علي وعثمان يدل على ما قلنا .
والجواب: أن الضعف منتف لما قلنا، والمعارضة غير متحققة، لأن المكروه الذكر الذي لا يكون من متممات الوضوء، وهو لا يستلزم كراهة ما جعل شرعا من ذكر الله، تكميلا له بعد ثبوت جعله كذلك بالحديث الحسن، وعدم نقلهما في حكايتيهما، إما لأنهما إنما حكيا الأفعال التي للوضوء، والتسمية ليست من نفسه بل ذكر يفتتح هو بها .
وإما لعدم نقل الرواة عنهما وإن قالاها، إذ قد ينقل الراوي بعض الحديث اشتغالا بالمهم، بناء على ما اشتهر من الافتتاح بها بين السلف في ((كل أمر ذي بال))، كما رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه بلفظ: ((كل أمر ذي بال لم يبدأ بالحمد لله، فهو أقطع))(1)، وفي رواية: ((أجذم))، وفي رواية: ((لا يبدأ بسم الله الرحمن الرحيم))، رواها ابن حبان من طريقين، وحسنه ابن الصلاح .
وبالجملة عدم النقل لا ينفي الوجود، فكيف بعد الثبوت بوجه آخر، ألا ترى أنهم لم ينقلوا التخليل وكذا السواك وهو سنة. انتهى كلامه ملخصا(2).
Page 83