أما أولا: فبإن هذه المقدمة ظنية، فلا يجوز بها إبطال ما نطق به الحديث .
وأما ثانيا: فلأن اشتهار هذه المقدمة إنما هو عند من لا يرى واجبا في الوضوء،ولهذا لما مال ابن الهمام في ((فتح القدير)) إلى وجوب التسمية،
ردها بأحسن رد.
وأما ثالثا: فلأن غاية ما استدلوا لإثباتها أن الوضوء تبع للصلاة، وأفعال الصلاة، منها أركان، ومنها واجبات، ومنها سنن، فلو قلنا بتقسيم أفعال الوضوء أيضا إليها، لزم مساواة الفرع الأصل، وهو سخيف جدا، لأن الواجب كالفرض في حق العمل، ولما ثبت الفرض في الوضوء، فما المانع من ثبوت الواجب فيه على أنه لا تلزم المساواة بوجود الفرق من وجه آخر، وهو أن الوضوء لا يلزم بالنذر والشروع، والصلاة تلزم .
والقول بأن الواجب من خصائص العبادات المقصودة، والوضوء غير مقصود، كما ذكره صاحب ((نور الأنوار)) ضعيف أيضا، لكونه دعوى بلا دليل، ولو كان كذلك لما ذهب ابن الهمام إلى وجوب التسمية .
ومنها: ما ذكره ابن ملك في ((شرح المنار)) وحسنه، وتبعه من جاء بعده من أن الأدلة السمعية أربعة أنواع:
قطعي الثبوت والدلالة: كالنصوص المفسرة والمحكمة .
وقطعي الثبوت، ظني الدلالة: كالآيات المأولة .
وظني الثبوت، قطعي الدلالة: كأخبار الآحاد التي مفهوماتها قطعية.
وظني الثبوت، ظني الدلالة: كالتي مفهوماتها ظنية .
Page 79