وكقوله ((ليس المؤمن من يبيت شبعان وجاره جائع))(1)، فلم يرد به أنه خارج عن حد الإيمان، إنما أراد به أنه خارج عن حد الإيمان الكامل، فثبت من ذلك أن الوضوء بلا تسمية، يخرج به المتوضئ من الحدث، كذا ذكره الطحاوي في ((شرح معاني الآثار))، ثم قال: وأما وجه ذلك من حيث النظر، فإنا رأينا أشياء لا ندخل فيها إلا بكلام، منها: العقود التي يعقدها الناس من البياعات والمناكحات وما أشبه ذلك، وكالصلاة والحج يدخل فيها بالتكبير والتلبية، ثم رجعنا إلى التسمية في الوضوء هل يشبه شيئا من ذلك، فرأينا غير مذكور فيها إيجاب شيء، كما كان في النكاح والبيوع فخرجت بذلك منها.
ولم تكن ركنا من أركان الوضوء، كما كان التكبير ركنا من الصلاة، فإن قيل قد رأينا الذبيحة لا بد من التسمية عندها، ومن ترك ذلك متعمدا لم تؤكل ذبيحته، فالتسمية أيضا كذلك .
قلنا: لقد تنازع الناس في ذلك، فقال بعضهم: يؤكل، وقال بعضهم، لا يؤكل، فمن قال: يؤكل، فقد كفينا البيان بقوله، وأما من قال: لا يؤكل، فإنه يقول إن تركها ناسيا يؤكل، وسواء عنده كان الذابح مسلما أو كافرا بعد أن كان كتابيا، فجعلت التسمية منها في قول من أوجبها لبيان الملة، فإذا سمى الذابح صارت ذبيحته من ذبائح الملة المأكولة ذبيحتها.
Page 69