Ihkam Qantara
إحكام القنطرة في أحكام البسملة
Genres
قلت: جزى الله القاري خير الجزاء، حيث حقق ما هو المختار عند أرباب الاتقاء، وإنى أتعجب من أرباب الفتاوي، كيف لا يحتاطون في أمر التكفير، مع قولهم من كان في كلامه مئة إلا واحد محملا يوجب تكفيره لا يكفر، وقد التزم صاحب ((البحر الرائق)): أن لا يفتي بشيء من ألفاظ التكفير المنقولة في الفتاوى، إلا أنه خرج عن التزامه ونسي ما قدمت يداه في بعض المسائل.
كمسألة تكفير الروافض، فإنه مال إلى تكفيرهم، بقولهم سب الشيخين كفر وأمثاله، ولم يفهم أن هذه الأمور التي صدرت عنهم إنما هي لشبهة عرضت لهم فتكون مانعة من التكفير، كما حققه ابن الهمام في ((تحرير الأصول))، وغيره.
وقد التزمت أنا بعون الله تعالى أن لا أفتي بشيء من ألفاظ التكفير المنقولة في الفتاوي في موضع من المواضع إن شاء الله تعالى. ولولا أنه يجوز حمل كلامهم على التهديد والتشديد، وهو لكلامهم محمل سديد، لكان إطلاق الفقهاء عليهم غير سديد، فإن الفقيه من يتدبر ويتفكر(1)لا من يمشي على الظاهر ولا يتدبر، ولنعم ما خطر بخاطري، الفتاوي كالصحاري تجمع الرطب واليابس لا يأخذ بكل ما فيها إلا الناعس.
هذا وليكن هذا اختتام هذه الرسالة، وكان ذلك يوم الخميس الثاني من صفر من سنة تسع وثمانين بعد الألف والمئتين من هجرة رسول الثقلين عليه وعلى آله صلاة رب المشرقين حين إقامتي بالوطن حفظ عن شرور الزمن وكان الشروع في تأليفها في سنة ست وثمانين حين إقامتي بحيدر آباد من مملكة الدكن نقاها الله عن البدع والفتن فوقعت وقائع منعتني عن تمامها، وعاقت عوائق، فوقعت الطفرة في اختتامها.
Page 178