وهذا حين نبدأ في ذلك بحول الله وقوته فنقول وبالله تعالى التوفيق إنه لما صح أن العالم مخلوق وأن له خالقا لم يزل ﷿ وصح أنه ابتعث رسوله محمدا ﷺ إلى جميع الناس ليتخلص من أطاعه من أطباق النيران المحيطة بنا إلى الجنة المعدة لأوليائه ﷿ وليكب من عصاه في النار الحامية وصح أنه ألزمنا على لسان نبيه ﷺ شرائع من أوامر ونواه وإباحات باستعمال تلك
الشرائع يوصل إلى الفوز وينجي من الهلاك وصح أنه أودع تلك الشرائع في الكلام الذي أمره به رسوله الله ﷺ بتبليغه إلينا وسماه قرآنا وفي الكلام الذي أنطق به رسوله ﷺ وسماه وحيا غير قرآن وألزمنا في كل ذلك طاعة نبيه ﵇ لزمنا تتبع تلك الشرائع في هذين الكلامين لنتخلص بذلك من العذاب ونحصل على السلامة والحظوة في دار الخلود
ووجدناه تعالى قد ألزمنا ذلك بقوله في كتابه المنزل ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ فوجب علينا أن ننفر لما استنفرنا له خالقنا ﷿ فوجدناه قد قال في القرآن الذي قد ثبت أنه من قبله ﷿ والذي أودعه عهوده إلينا اللازمة لنا ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا﴾ قال أبو محمد فنظرنا في هذه الآية فوجدناها جامعة لكل ما تكلم الناس فيه أولهم عن آخرهم مما أجمعوا عليه واختلفوا فيه الأحكام والعبادات التي شرعها الله ﷿ لا يشذ عنها شيء من ذلك فكان كتابنا هذا كله في بيان العمل بهذه الآية وكيفيته وبيان الطاعتين المأمور بهما لله تعالى ولرسوله ﵇ وطاعة أولي الأمر ومن هم أولو الأمر
1 / 9