قال أبو محمد ويقال لمن قال بإلهام ما الفرق بينك وبين من ادعى أنه ألهم بطلان قولك فلا سبيل له إلى الانفصال عنه والفرق بين هذه الدعوى ودعوى من
ادعى أنه يدرك بعقله خلاف ما يدركه ببديهة العقل وبين ما لا يدركه بأوائل العقل أن كل من في المشرق والمغرب إذا سئل عما ذكرناه أننا عرفناه بأوائل العقل أخبر بمثل ما نخبر سواء وأن المدعين للإلهام ولإدراك ما يدركه غيرهم بأوله عقله لا يتفق اثنان منهم على ما يدعيه كل واحد منهم
إلهاما أو إدراكا فصح بلا شك أنهم كذبة وأن الذي بهم وسواس وأيضا فإن الإلهام دعوى مجردة من الدليل ولو أعطي كل امرىء بدعواه المعراة لما ثبت حق ولا بطل باطل ولا استقر ملك أحد على مال ولا انتصف من ظالم ولا صحت ديانة أحد أبدا لأنه لا يعجز أحد عن أن يقول ألهمت أن دم فلان حلال وأن ماله مباح لي أخذه وأن زوجه مباح لي وطؤها وهذا لا ينفك منه وقد يقع في النفس وساوس كثيرة لا يجوز أن تكون حقا وأشياء متضادة يكذب بعضها بعضا فلا بد من حاكم يميز الحق منها من الباطل وليس ذلك إلا العقل الذي لا تتعارض دلائله وقد بينا ذلك في كتاب التقريب وقال أبو محمد ويقال لمن قال بالإمام بأي شيء عرفت صحة قول الإمام أببرهان أم بمعجزة أم بإلهام أم بقوله مجردا فإن قال ببرهان كلف بأن يأتي به ولا سبيل له إليه وإن قال بمعجزة ادعى البهتان لاسيما الآن وهم يقرون أنه قد خفي عنهم موضعه منذ مائة وسبعين عاما وإن قالوا بالإلهام سئلوا بما ذكرنا في إبطال الإلهام وإن قالوا بقوله مجردا سئلوا عن الفرق بين قوله وقول خصومهم في إبطال مذاهبهم دون دليل ولا سبيل إلى وجه خامس أصلا قال أبو محمد ويقال لمن قال بالتقليد ما الفرق بينك وبين من قلد غير
1 / 17