116

Ihkâm al-Ahkâm Sharh Umdat al-Ahkâm

إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام

Maison d'édition

مطبعة السنة المحمدية

٥٠ - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ «أَعْتَمَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْعِشَاءِ. فَخَرَجَ عُمَرُ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ يَقُولُ: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي - أَوْ عَلَى النَّاسِ - لَأَمَرْتُهُمْ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ هَذِهِ السَّاعَةِ.» . ــ [إحكام الأحكام] وَقَوْلُهُ فِيهِ " حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ، أَوْ اصْفَرَّتْ " وَقْتُ الِاصْفِرَارِ: وَقْتُ الْكَرَاهَةِ. وَيَكُونُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ خَارِجًا. وَلَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ. فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩] وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْآيَةُ نَزَلَتْ لَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ الْآيَةُ. وَقَوْلُهُ " حَتَّى اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ " قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، مِنْ صَلَاتِهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْحَبْسُ انْتَهَى إلَى هَذَا الْوَقْتِ. وَلَمْ تَقَعْ الصَّلَاةُ إلَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ الِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا، فَمَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُقْتَضٍ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ. . [الدُّعَاء عَلَى الْكُفَّارِ] وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الْكُفَّارِ بِمِثْلِ هَذَا. وَلَعَلَّ قَائِلًا يَقُولُ: فِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِعَدَمِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى. فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ تَرَدَّدَ بَيْنَ قَوْلِهِ " مَلَأَ اللَّهُ " أَوْ " حَشَا اللَّهُ " وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ، مَعَ تَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعْنَى. وَجَوَابُهُ: أَنَّ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتًا. فَإِنَّ قَوْلَهُ " حَشَا اللَّهُ " يَقْتَضِي مِنْ التَّرَاكُمِ وَكَثْرَةِ أَجْزَاءِ الْمَحْشُوِّ مَا لَا يَقْتَضِيه " مَلَأَ " وَقَدْ قِيلَ: إنَّ شَرْطَ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظَانِ مُتَرَادِفِينَ، لَا يَنْقُصُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخِرِ. عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ جَوَّزْنَا بِالْمَعْنَى، فَلَا شَكَّ أَنَّ رِوَايَةَ اللَّفْظِ أَوْلَى. فَقَدْ يَكُونُ ابْنُ مَسْعُودٍ تَحَرَّى لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ. . [حَدِيثُ أَعْتَمَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْعِشَاءِ] " عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ أَبُو الْعَبَّاسِ، ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ

1 / 174