92

La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Maison d'édition

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] الْقَائِلِينَ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيِّينَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ عَلَى التَّوْحِيدِ عَامَّةً، لَكِنْ عَلَى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَثَبَتَ التَّكْلِيفُ بِهِ لِسَائِرِ الْخَلْقِ، وَإِنْ لَمْ تَعُمَّ الدَّعْوَةُ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَبِيٍّ وَاحِدٍ. ١ - الثَّانِي: قَوْلُهُ ﵌ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ الرُّعْبُ: هُوَ الْوَجَلُ وَالْخَوْفُ لِتَوَقُّعِ نُزُولِ مَحْظُورٍ، وَالْخُصُوصِيَّةُ الَّتِي يَقْتَضِيهَا لَفْظُ الْحَدِيثِ: مُقَيَّدَةٌ بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الزَّمَانِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَنْفِي وُجُودَ الرُّعْبِ مِنْ غَيْرِهِ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا، فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ فِي سِيَاقِ الْفَضَائِلِ وَالْخَصَائِصِ، وَيُنَاسِبُهُ: أَنْ تُذْكَرَ الْغَايَةُ فِيهِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ لَوْ وُجِدَ لِغَيْرِهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ لَحَصَلَ الِاشْتِرَاكُ فِي الرُّعْبِ فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ، وَذَلِكَ يَنْفِي الْخُصُوصِيَّةَ بِهَا. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ ﷺ " جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا " الْمَسْجِدُ: مَوْضِعُ السُّجُودِ فِي الْأَصْلِ، ثُمَّ يُطْلِقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الْمَكَانِ الْمَبْنِيِّ لِلصَّلَاةِ الَّتِي السُّجُودُ مِنْهَا، وَعَلَى هَذَا: فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ " الْمَسْجِدُ " هَهُنَا عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، أَيْ جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، أَعْنِي مَوْضِعَ السُّجُودِ، أَيْ لَا يَخْتَصُّ السُّجُودُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ دُونَ غَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ مَجَازًا عَنْ الْمَكَانِ الْمَبْنِيِّ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَتْ الصَّلَاةُ جَمِيعُهَا كَانَتْ كَالْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ فَإِطْلَاقُ اسْمِهِ عَلَيْهَا مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ وَاَلَّذِي يُقَرِّبُ هَذَا التَّأْوِيلَ: أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدُ: أَنَّهَا مَوَاضِعُ لِلصَّلَاةِ بِجُمْلَتِهَا، وَلَا لِلسُّجُودِ فَقَطْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ: أَنَّ الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ كَانَتْ تَخُصُّ السُّجُودَ وَحْدَهُ بِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ. [التَّيَمُّم بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ] ١ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ ﷺ " طَهُورًا " اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أُمُورٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الطَّهُورَ هُوَ الْمُطَهَّرُ لِغَيْرِهِ، وَوَجْهُ الدَّلِيلِ: أَنَّهُ ذَكَرَ خُصُوصِيَّتَهُ بِكَوْنِهَا طَهُورًا، أَيْ مُطَهَّرًا، وَلَوْ كَانَ " الطَّهُورُ " هُوَ الطَّاهِرُ: لَمْ تَثْبُتْ الْخُصُوصِيَّةُ،

1 / 150