La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
9

La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Maison d'édition

مطبعة السنة المحمدية

٤ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ، وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ» وَفِي لَفْظٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ» . ــ [إحكام الأحكام] وَاَلَّذِينَ اسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ غَيْرُ مُجْزِئٍ إنَّمَا اعْتَبَرُوا لَفْظَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَطْ، وَقَدْ رُتِّبَ فِيهَا الْوَعِيدُ عَلَى مُسَمَّى الْمَسْحِ. وَلَيْسَ فِيهَا تَرْكُ بَعْضِ الْعُضْوِ. وَالصَّوَابُ - إذَا جُمِعَتْ طُرُقُ الْحَدِيثِ -: أَنْ يَسْتَدِلُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَيُجْمَعُ مَا يُمْكِنُ جَمْعُهُ. فَبِهِ يَظْهَرُ الْمُرَادُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُسْتَدَلُّ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ " الْعَقِبَ " مَحَلٌّ لِلتَّطْهِيرِ، فَيَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ يَكْتَفِي بِالتَّطْهِيرِ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ. [حَدِيثُ إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً] فِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: " فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ " وَلَمْ يَقُلْ " مَاءً " وَهُوَ مُبَيَّنٌ فِي غَيْرِهَا وَتَرَكَهُ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يَرَى وُجُوبَ الِاسْتِنْشَاقِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ: عَدَمُ الْوُجُوبِ. وَحَمَلَا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ، بِدَلَالَةِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ لِلْأَعْرَابِيِّ «تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ» فَأَحَالَهُ عَلَى الْآيَةِ. وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الِاسْتِنْشَاقِ. الثَّالِثَةُ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ " الِاسْتِنْشَاقَ " جَذْبُ الْمَاءِ إلَى الْأَنْفِ.

1 / 67