La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
87

La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Maison d'édition

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] تَرْكِ جُلُوسِ الْإِنْسَانِ عِنْدَ الْمُصَلِّينَ إذَا لَمْ يُصَلِّ مَعَهُمْ، وَقَدْ قَالَ ﷺ: لِمَنْ رَآهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ " مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟ وَقَدْ رُوِيَ: مَعَ النَّاسِ - أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟، " وَهَذَا إنْكَارٌ لِهَذِهِ الصُّورَةِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ " مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ؟ " وَقَدْ رُوِيَ " مَعَ الْقَوْمِ " وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَصْلُ اللَّفْظَيْنِ، فَإِنَّ " فِي " لِلظَّرْفِيَّةِ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ اجْتِمَاعَ الْقَوْمِ ظَرْفًا خَرَجَ مِنْهُ هَذَا الرَّجُلُ، وَ" مَعَ " لِلْمُصَاحَبَةِ، كَأَنَّهُ قَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَصْحَبَهُمْ فِي فِعْلِهِمْ؟،. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ " أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، وَلَا مَاءَ " يُحْتَمَلُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَتَيَمَّمُ، وَهَذَا أَرْجَحُ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ مَشْرُوعِيَّةَ التَّيَمُّمِ: كَانَتْ سَابِقَةً عَلَى زَمَنِ إسْلَامِ عِمْرَانَ، رَاوِي الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ، وَمَشْرُوعِيَّةُ التَّيَمُّمِ: كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فِي غَزْوَةِ الْمُرَيْسِيعِ، وَهِيَ وَاقِعَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَالظَّاهِرَةُ: عِلْمُ الرَّجُلِ بِهَا لِشُهْرَتِهَا، فَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى كَوْنِ الرَّجُلِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَتَيَمَّمُ - كَمَا ذُكِرَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ هَذَا الرَّجُلُ؛ وَمَنْ شَكَّ فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ: حَمَلُوا الْمُلَامَسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ - أَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣]- عَلَى غَيْرِ الْجِمَاعِ؛؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ حَمَلُوهَا عَلَيْهِ لَكَانَ تَيَمُّمُ الْجُنُبِ مَأْخُوذًا مِنْ الْآيَةِ، فَلَمْ يَقَعْ لَهُمْ شَكٌّ فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ، وَهَذَا الظُّهُورُ الَّذِي اُدُّعِيَ: إنْ لَمْ يَكُنْ إسْلَامُ هَذَا الرَّجُلِ وَاقِعًا عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ. وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي مُدَّةٍ تَقْتَضِي الْعَادَةُ بُلُوغَهَا إلَى عِلْمِهِ. الرَّابِعُ: قَوْلُهُ " وَلَا مَاءَ " أَيْ مَوْجُودٌ، أَوْ عِنْدِي، أَوْ أَجِدُهُ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَفِي حَذْفِهِ بَسْطٌ لِعُذْرِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ عُمُومِ النَّفْي، كَأَنَّهُ نَفَى وُجُودَ الْمَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِحَيْثُ لَوْ وُجِدَ بِسَبَبٍ أَوْ سَعْيٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: لَحَصَّلَهُ، فَإِذَا نَفَى وُجُودَهُ مُطْلَقًا: كَانَ أَبْلَغَ فِي النَّفْي، وَأَعْذَرَ لَهُ. ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى النُّحَاةِ تَقْدِيرَهُمْ فِي قَوْلِنَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا إلَه لَنَا، أَوْ فِي الْوُجُودِ وَقَالَ: إنَّ نَفْيَ الْحَقِيقَةِ مُطْلَقَةً: أَعَمُّ مِنْ نَفِيهَا مُقَيَّدَةً، فَإِنَّهَا

1 / 145