La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
82

La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Maison d'édition

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ بِنَجَاسَتِهِ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِنَجَاسَتِهِ: اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ إزَالَتِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُغْسَلُ رَطْبُهُ وَيَابِسُهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُغْسَلُ رَطْبُهُ، وَيُفْرَكُ يَابِسُهُ، أَمَّا مَالِكٌ: فَعَمَلَ بِالْقِيَاسِ فِي الْحُكْمَيْنِ، أَعْنِي نَجَاسَتَهُ وَإِزَالَتَهُ بِالْمَاءِ، أَمَّا نَجَاسَتُهُ: فَوَجْهُ الْقِيَاسِ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْفَضَلَاتِ الْمُسْتَحِيلَةِ إلَى الِاسْتِقْذَارِ فِي مَقَرٍّ تَجْتَمِعُ فِيهِ: نَجِسَةٌ وَالْمَنِيُّ مِنْهَا، فَلِيَكُنْ نَجِسًا. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْأَحْدَاثَ الْمُوجِبَةَ لِلطَّهَارَةِ نَجِسَةٌ، وَالْمَنِيُّ مِنْهَا، أَيْ مِنْ الْأَحْدَاثِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّهَارَةِ. ، وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ، فَيَنْجُسُ. ، وَأَمَّا فِي كَيْفِيَّةِ إزَالَتِهِ: فَلِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُزَالُ إلَّا بِالْمَاءِ، إلَّا مَا عُفِيَ عَنْهُ مِنْ آثَارِ بَعْضِهَا، وَالْفَرْدُ مُلْحَقٌ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ: فَإِنَّهُ اتَّبَعَ الْحَدِيثَ فِي فَرْكِ الْيَابِسِ، وَالْقِيَاسُ فِي غَسْلِ الرَّطْبِ وَلَمْ يَرَ الِاكْتِفَاءَ بِالْفَرْكِ دَلِيلًا عَلَى الطَّهَارَةِ، وَشَبَّهَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ دَلْكِ النَّعْلِ مِنْ الْأَذَى، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ «إذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ الْأَذَى بِخُفِّهِ أَوْ بِنَعْلِهِ، فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ» رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالدَّلْكِ فِيهِ لَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ الْأَذَى، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَاتَّبَعَ الْحَدِيثَ فِي فَرْكِ الْيَابِسِ، وَرَآهُ دَلِيلًا عَلَى الطَّهَارَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا اكْتَفَى فِيهِ إلَّا بِالْغَسْلِ، قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، فَلَوْ اكْتَفَى بِالْفَرْكِ - مَعَ كَوْنِهِ نَجِسًا - لَزِمَ خِلَافُ الْقِيَاسِ، وَالْأَصْلُ: عَدَمُ ذَلِكَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَقَدْ اعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنْ حُمِلَ عَلَى الْفَرْكِ بِالْمَاءِ، وَفِيهِ بُعْدٌ؛؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ «لَقَدْ رَأَيْتُنِي، وَإِنِّي لَأَحُكُّهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَابِسًا بِظُفْرِي» وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِيُبْسِهِ، وَأَيْضًا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمِيرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنْ كَانَ يَابِسًا، وَأَغْسِلُهُ أَوْ أَمْسَحُهُ إذَا كَانَ رَطْبًا» شَكَّ الرَّاوِي. وَهَذَا التَّقَابُلُ بَيْنَ الْفَرْكِ وَالْغَسْلِ: يَقْتَضِي

1 / 140