La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements
إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام
Maison d'édition
مطبعة السنة المحمدية
Genres
Science du hadith
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَقَدْ قَالَ غَيْرُ الْقَزَّازِ: الْفِطْرَةُ هِيَ السُّنَّةُ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ " الْفِطْرَةُ خَمْسٌ " وَقَدْ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» وَبَيْنَ اللَّفْظَتَيْنِ تَفَاوُتٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُهُ الْحَصْرُ، كَمَا يُقَالُ: الْعَالِمُ فِي الْبَلَدِ زَيْدٌ، إلَّا أَنَّ الْحَصْرَ فِي مِثْلِ هَذَا: تَارَةً يَكُونُ حَقِيقِيًّا، وَتَارَةً يَكُونُ مَجَازِيًّا، وَالْحَقِيقِيُّ مِثَالُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، مِنْ قَوْلِنَا: الْعَالِمُ فِي الْبَلَدِ زَيْدٌ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا غَيْرُهُ، وَمِنْ الْمَجَازِ «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» كَأَنَّهُ بُولِغَ فِي النَّصِيحَةِ إلَى أَنْ جَعَلَ الدِّينَ إيَّاهَا، وَإِنْ كَانَ فِي الدِّينِ خِصَالٌ أُخْرَى غَيْرَهَا، وَإِذَا ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَدَمُ الْحَصْرِ - أَعْنِي قَوْلَهُ ﵇ " خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ " - وَجَبَ إزَالَةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ ظَاهِرِهَا الْمُقْتَضِي لِلْحَصْرِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ» وَذَلِكَ أَصْرَحُ فِي عَدَمِ الْحَصْرِ، وَأَنُصُّ عَلَى ذَلِكَ، وَ" الْخِتَانُ " مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْقَطْعُ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْجَارِيَةِ، يُقَالُ: خُتِنَ الصَّبِيُّ يَخْتِنُهُ وَيَخْتِنُهُ - بِكَسْرِ التَّاءِ وَضَمِّهَا - خَتْنًا بِإِسْكَانِ التَّاءِ، وَ" الِاسْتِحْدَادُ " اسْتِفْعَالٌ مِنْ الْحَدِيدِ، وَهُوَ إزَالَةُ شَعْرِ الْعَانَةِ بِالْحَدِيدِ، فَأَمَّا إزَالَتُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، كَالنَّتْفِ وَبِالنُّورَةِ: فَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلْمَقْصُودِ، لَكِنَّ السُّنَّةَ وَالْأَوْلَى: الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ " الِاسْتِحْدَادَ " اسْتِفْعَالٌ مِنْ الْحَدِيدِ.
[قَصّ الشَّوَارِبِ وَإِحْفَاؤُهَا] ١
" وَقَصُّ الشَّارِبِ " مُطْلَقٌ، يَنْطَلِقُ عَلَى إحْفَائِهِ، وَعَلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إزَالَةُ مَا زَادَ عَلَى الشَّفَةِ، وَفَسَّرُوا بِهِ قَوْلَهُ ﷺ «وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ» وَقَوْمٌ يَرَوْنَ إنْهَاكَهَا، وَزَوَالَ شَعْرِهَا، وَيُفَسِّرُونَ بِهِ الْإِحْفَاءَ، فَإِنَّ اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ، وَمِنْهُ: إحْفَاءُ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «انْهَكُوا الشَّوَارِبَ» وَالْأَصْلُ فِي قَصِّ الشَّوَارِبِ وَإِحْفَائِهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: مُخَالَفَةُ زِيِّ الْأَعَاجِمِ، وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةٌ فِي الصَّحِيحِ، حَيْثُ قَالَ " خَالِفُوا الْمَجُوسَ ". وَالثَّانِي: أَنَّ زَوَالَهَا عَنْ مَدْخَلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ أَبْلَغُ فِي النَّظَافَةِ، وَأَنْزَهُ مِنْ وَضَرِ الطَّعَامِ.
[تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ] ١
وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ قَطْعُ مَا طَالَ عَنْ اللَّحْمِ مِنْهَا، يُقَالُ: قَلَّمَ أَظْفَارَهُ تَقْلِيمًا، وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ: التَّشْدِيدُ، كَمَا قُلْنَا، وَالْقُلَامَةُ مَا يُقْطَعُ مِنْ الظُّفْرِ، وَفِي ذَلِكَ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ وَالزِّينَةِ، وَإِزَالَةُ الْقَبَاحَةِ مِنْ طُولِ الْأَظْفَارِ.
1 / 124