La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
46

La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Maison d'édition

مطبعة السنة المحمدية

١٦ - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ فَأَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ ــ [إحكام الأحكام] هَذَا كُلُّهُ بَعْدَ مُرَاعَاةِ أَمْرٍ مِنْ صِنَاعَةِ الْحَدِيثِ وَهُوَ أَنْ يُنْظَرَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ: هَلْ هُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، أَوْ حَدِيثَانِ؟ وَلَك أَيْضًا، بَعْدَ النَّظَرِ فِي دَلَائِلِ الْمَفْهُومِ، وَمَا يُعْمَلُ بِهِ مِنْهُ، وَمَا لَا يُعْمَلُ بِهِ وَبَعْدَ أَنْ تَنْظُرَ فِي تَقْدِيمِ الْمَفْهُومِ عَلَى ظَاهِرِ الْعُمُومِ - أَعْنِي رِوَايَةَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ - فَإِنْ كَانَا حَدِيثًا وَاحِدًا مُخَرِّجُهُ وَاحِدٌ، اخْتَلَفَ عَلَيْهِ الرُّوَاةُ: فَيَنْبَغِي حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ زِيَادَةً مِنْ عَدْلٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ، فَتُقْبَلُ وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَاجِعٌ إلَى رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْد اللَّه بْن قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ. الثَّانِي: ظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الظَّاهِرِيُّ، وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ ﷺ «وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنْ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ» يَتَنَاوَلُ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي كَيْفِيَّةِ التَّمَسُّحِ فِي الْقُبُلِ، إذَا كَانَ الْحَجَرُ صَغِيرًا، وَلَا بُدَّ مِنْ إمْسَاكِهِ بِإِحْدَى الْيَدَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُمْسِكُ الْحَجَرَ بِالْيُمْنَى وَالذَّكَرَ بِالْيُسْرَى، فَتَكُونُ الْحَرَكَةُ لِلْيُسْرَى، وَالْيُمْنَى قَارَّةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُؤْخَذُ الذَّكَرُ بِالْيُمْنَى وَالْحَجَرُ بِالْيُسْرَى وَتُحَرَّكُ الْيُسْرَى وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْحَدِيثِ ١ - الرَّابِعُ: قَوْلُهُ ﷺ " وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ " يُرَادُ بِهِ إبَانَةُ الْإِنَاءِ عِنْدَ إرَادَةِ التَّنَفُّسِ، لِمَا فِي التَّنَفُّسِ مِنْ احْتِمَالِ خُرُوجِ شَيْءٍ مُسْتَقْذَرٍ لِلْغَيْرِ وَفِيهِ إفْسَادٌ لِمَا فِي الْإِنَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَيْرِ، لِعِيَافَتِهِ لَهُ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ إبَانَةُ الْإِنَاءِ لِلتَّنَفُّسِ ثَلَاثًا وَهُوَ هَهُنَا مُطْلَقٌ

1 / 104