La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements
إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام
Maison d'édition
مطبعة السنة المحمدية
Genres
Science du hadith
١٣ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵄ قَالَ: «رَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامَ، مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةَ» . وَفِي رِوَايَةٍ " مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ ".
ــ
[إحكام الأحكام]
قُلْنَا لَهُ: لَمَّا دَلَّتْ الصِّيغَةُ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ ذَاتٍ دَخَلَتْ الدَّارَ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا: الذَّوَاتُ الدَّاخِلَةُ فِي آخِرِ النَّهَارِ. فَإِذَا أَخْرَجْتَ تِلْكَ الذَّوَاتِ فَقَدْ أَخْرَجْتَ مَا دَلَّتْ الصِّيغَةُ عَلَى دُخُولِهِ.
وَهِيَ كُلُّ ذَاتٍ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى مَا قُلْنَا. فَإِنَّ أَبَا أَيُّوبَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَالشَّرْعِ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَ قَوْلَهُ " لَا تَسْتَقْبِلُوا وَلَا تَسْتَدْبِرُوا " عَامًّا فِي الْأَمَاكِنِ. وَهُوَ مُطْلَقٌ فِيهَا. وَعَلَى مَا قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ: لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْعُمُومُ، وَعَلَى مَا قُلْنَاهُ: يَعُمُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُخْرِجَ عَنْهُ بَعْضُ الْأَمَاكِنِ خَالَفَ صِيغَةَ الْعُمُومِ فِي النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ.
الْعَاشِرُ: قَوْلُهُ " وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ " قِيلَ: يُرَادُ بِهِ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِبَانِي الْكُنُفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَمْنُوعَةِ عِنْدَهُ. وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ: أَنَّهُ إذَا انْحَرَفَ عَنْهَا لَمْ يَفْعَلْ مَمْنُوعًا. فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِغْفَارِ. وَالْأَقْرَبُ: أَنَّهُ اسْتِغْفَارٌ لِنَفْسِهِ. وَلَعَلَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقْبَلَ وَاسْتَدْبَرَ بِسَبَبِ مُوَافَقَتِهِ لِمُقْتَضَى الْبِنَاءِ غَلَطًا أَوْ سَهْوًا. فَيَتَذَكَّرُ فَيَنْحَرِفُ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَالْغَالِطِ وَالسَّاهِي لَمْ يَفْعَلَا إثْمًا. فَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى الِاسْتِغْفَارِ. قُلْتُ: أَهْلُ الْوَرَعِ وَالْمَنَاصِبِ الْعَلِيَّةِ فِي التَّقْوَى قَدْ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذَا، بِنَاءً عَلَى نِسْبَتِهِمْ التَّقْصِيرَ إلَى أَنْفُسِهِمْ فِي [عَدَمِ] التَّحَفُّظِ ابْتِدَاءً. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيثُ رَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْضِي حَاجَتَهُ]
" " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ " بْنِ الْخَطَّابِ. تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِي ذِكْرِ أَبِيهِ ﵄
1 / 99