La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements
إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام
Maison d'édition
مطبعة السنة المحمدية
Numéro d'édition
بدون طبعة وبدون تاريخ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ جُزْءًا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ الْعَظِيمُ: كَافٍ فِي كَوْنِهِ ذَا فَضْلٍ.
فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ دَالًا عَلَى فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ.
وَيَظْهَرُ بِذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ حُصُولِ الثَّوَابِ الْمَخْصُوصِ، وَحُصُولِ مُطْلَقِ الثَّوَابِ.
فَالثَّوَابُ الْمَخْصُوصُ: يَتَرَتَّبُ عَلَى مَجْمُوعِ الْوُضُوءِ عَلَى النَّحْوِ الْمَذْكُورِ.
وَالصَّلَاةِ الْمَوْصُوفَةِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ.
وَمُطْلَقُ الثَّوَابِ: قَدْ يَحْصُلُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ.
[الْخَوَاطِر وَالْوَسَاوِس الْوَارِدَة عَلَى النَّفْسِ]
الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ " وَلَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ " إشَارَةٌ إلَى الْخَوَاطِرِ وَالْوَسَاوِسِ الْوَارِدَةِ عَلَى النَّفْسِ.
وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: مَا يَهْجُمُ هَجْمًا يَتَعَذَّرُ دَفْعُهُ عَنْ النَّفْسِ.
وَالثَّانِي: مَا تَسْتَرْسِلُ مَعَهُ النَّفْسُ، وَيُمْكِنُ قَطْعُهُ وَدَفْعُهُ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ الثَّانِي.
فَيَخْرُجُ عَنْهُ النَّوْعُ الْأَوَّلُ، لِعُسْرِ اعْتِبَارِهِ.
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ: لَفْظَةُ " يُحَدِّثُ نَفْسَهُ " فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَكَسُّبًا مِنْهُ، وَتَفَعُّلًا لِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النَّوْعَيْنِ مَعًا، إلَّا أَنَّ الْعُسْرَ إنَّمَا يَجِبُ دَفْعُهُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالتَّكَالِيفِ.
وَالْحَدِيثُ إنَّمَا يَقْتَضِي تَرَتُّبَ ثَوَابٍ مَخْصُوصٍ عَلَى عَمَلٍ مَخْصُوصٍ.
فَمَنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الْعَمَلُ: حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ، وَمَنْ لَا، فَلَا. وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّكَالِيفِ، حَتَّى يَلْزَمَ رَفْعُ الْعُسْرِ عَنْهُ.
نَعَمْ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْحَالَةُ مُمْكِنَةَ الْحُصُولِ - أَعْنِي الْوَصْفَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهِ الثَّوَابُ الْمَخْصُوصُ - وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ.
فَإِنَّ الْمُتَجَرِّدِينَ عَنْ شَوَاغِلِ الدُّنْيَا، الَّذِينَ غَلَبَ ذِكْرُ اللَّهِ ﷿ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَغَمَرَهَا: تَحْصُلُ لَهُمْ تِلْكَ الْحَالَةُ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ.
[حَدِيثُ النَّفْسِ] ١
الرَّابِعَ عَشَرَ " حَدِيثُ النَّفْسِ " يَعُمُّ الْخَوَاطِرَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالدُّنْيَا، وَالْخَوَاطِرَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْآخِرَةِ.
وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا.
إذْ لَا بُدَّ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ، كَالْفِكْرِ فِي مَعَانِي الْمَتْلُوِّ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَالْمَذْكُورِ مِنْ الدَّعَوَاتِ وَالْأَذْكَارِ.
وَلَا نُرِيدُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ: كُلَّ أَمْرٍ مَحْمُودٍ، أَوْ مَنْدُوبٍ إلَيْهِ.
فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ.
وَإِدْخَالُهُ فِيهَا أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ قَالَ " إنِّي لَأُجَهِّزُ الْجَيْشَ وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ " أَوْ كَمَا قَالَ. وَهَذِهِ قُرْبَةٌ، إلَّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ مَقْصُودِ الصَّلَاةِ.
١ -
1 / 86