La Perfection des Décisions - Commentaire sur l'Essence des Jugements
إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام
Maison d'édition
مطبعة السنة المحمدية
Numéro d'édition
بدون طبعة وبدون تاريخ
٦ - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» وَلِمُسْلِمٍ «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» وَلَهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: قَالَ: «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
خُرُوجُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلتَّطْهِيرِ بِهِ: إمَّا لِنَجَاسَتِهِ، أَوْ لِعَدَمِ طَهُورِيَّتِهِ وَمَعَ هَذَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّخْصِيصِ.
فَإِنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ - إمَّا الْقُلَّتَانِ فَمَا زَادَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، أَوْ الْمُسْتَبْحِرُ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الِاسْتِعْمَالُ.
وَمَالِكٌ لِمَا رَأَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَهُورٌ، غَيْرَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ: يَحْمِلُ هَذَا النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ.
وَقَدْ يُرَجِّحُهُ: أَنَّ وُجُوهَ الِانْتِفَاعِ بِالْمَاءِ لَا تَخْتَصُّ بِالتَّطْهِيرِ.
وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي النَّهْيِ.
فَإِذَا حُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ لِمَفْسَدَةِ خُرُوجِ الْمَاءِ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ: لَمْ يُنَاسَبْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَصَالِحِ الْمَاءِ تَبْقَى بَعْدَ كَوْنِهِ خَارِجًا عَنْ الطَّهُورِيَّةِ، وَإِذَا حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ: كَانَتْ الْمَفْسَدَةُ عَامَّةً؛ لِأَنَّهُ يُسْتَقْذَرُ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ فِيهِ.
وَذَلِكَ ضَرَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ يُرِيدُ اسْتِعْمَالَهُ فِي طَهَارَةٍ أَوْ شُرْبٍ، فَيَسْتَمِرُّ النَّهْيُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَفَاسِدِ الْمُتَوَقَّعَةِ، إلَّا أَنَّ فِيهِ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى الْمَجَازِ، أَعْنِي حَمْلَ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ.
فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ.
[حَدِيثُ إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا]
فِيهِ مَسَائِلُ.
الْأُولَى: الْأَمْرُ بِالْغَسْلِ ظَاهِرٌ فِي تَنْجِيسِ الْإِنَاءِ. وَأَقْوَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ: الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ.
وَهِيَ قَوْلُهُ ﷺ «طُهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ، إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ: أَنْ يُغْسَلَ سَبْعًا» فَإِنَّ لَفْظَةَ " طُهُورُ " تُسْتَعْمَلُ إمَّا عَنْ الْحَدَثِ، أَوْ عَنْ الْخَبَثِ.
وَلَا حَدَثَ عَلَى الْإِنَاءِ بِالضَّرُورَةِ.
فَتَعَيَّنَ الْخَبَثُ.
وَحَمَلَ مَالِكٌ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى التَّعَبُّدِ، لِاعْتِقَادِهِ طَهَارَةَ الْمَاءِ وَالْإِنَاءِ.
وَرُبَّمَا رَجَّحَهُ أَصْحَابُهُ
1 / 74