التأويل دون العناد، فلهذا افترق الامران. قيل لهم: انفصلوا (1) ممن قلب القصة عليكم، فحكم على محاربي أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه، واستحلال دماء المؤمنين من أصحابه، ومنعه الزكاة وإنكار حقوقه بالعناد، وحكم على مانعي أبي بكر الزكاة بالشبهة والغلط في التأويل، وهذا أولى بالحق والصواب، لان أهل اليمامة لم يجحدوا فرض الزكاة، وأنما أنكروا فرض حملها إلى أبي بكر، وقالوا: نحن نأخذها من أغنيائنا، ونضعها في فقرائنا، ولا نوجب على أنفسنا حملها إلى من لم يفترض له ذلك علينا بسنة ولا كتاب. ولم نجد لمحاربي أمير المؤمنين عليه السلام حجة في خلافه واستحلال قتاله ولا شبهة أكثر من أنهم نكثوا بيعته فقد أعطوه إياها من أنفسهم بالاختيار، وادعوا بالعناد أنهم أجابوا إليها بالاضطرار، وقرفوه (2) بقتل عثمان وهم يعلمون اعتزاله فتنة عثمان، وطالبوه بتسليم قتلته إليهم وليس لهم في الارض سلطان، ولا يجوز تسليم القوم إليهم على الوجوه كلها والاسباب، ودعاه المارقون منهم إلى تحكيم الكتاب، فلما أجابهم إليه زعموا أنه قد كفر بإجابتهم إلى الحكم بالقرآن، وهذا ما لا يخفى العناد من جماعتهم فيه على أحد من ذوي الالباب.
---
(1) في ب، م: انقضوا. (2) قرفه: اتهمه. " الصحاح - قرف - 4: 1415 ".
--- [ 122 ]
Page 121