بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين
مُقَدّمَة الْمُؤلف
الْحَمد لله الَّذِي جعل النِّكَاح سَببا للفخر يَوْم الْقِيَامَة، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، شَهَادَة أكون بهَا من أهل الْكَرَامَة، وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله سيدا ولي الزعامة والإمامة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله، وَأَصْحَابه، وأزواجه، وَذريته، مَا أدام عَليّ خَاصَّة أفضاله وإنعامه. آمين.
أما بعد:
فقد جرت عَادَة أهل مَكَّة المشرفة، لازالت شموس الْفَضَائِل مشرقة فِي شعابها، وَلَا بَرحت الأكابر الأفاضل عَن العكوف برحابها تذكر آيَات، وَأَحَادِيث تتَعَلَّق بِفضل النِّكَاح، فَوَائده وَأَحْكَامه فِي الْخطْبَة المندوبة قَبيلَة، وَرُبمَا وَقع لبَعْضهِم أَنه أَتَى فِي ذَلِك بِأَحَادِيث مَوْضُوعَة، وكلمات مخترعة مصنوعة، وَمن تجنب مِنْهُم ذَلِك قصارى أمره أَنه يتحفظ أَحَادِيث فِي الْكتب عرية عَن الْأَسَانِيد، غير مستوفية لما تستحقه من كَمَال الإتقان، وَحسن الْإِيرَاد، فقصدت جمع أَرْبَعِينَ حَدِيثا فِي ذَلِك مُبينًا عقب كل مِنْهَا من خرجه من أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن، وفرسان ذَلِك الميدان، سميته: " الإفصاح عَن أَحَادِيث النِّكَاح " وَالله أسأَل أَن يَجعله خَالِصا لوجهه الْكَرِيم وسببا للفوز بجنات النَّعيم. آمين.
1 / 13
كتاب الافصاح عَن أَحَادِيث النِّكَاح
1 / 1
الحَدِيث الاول
عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود ﵄ ان النَّبِي ﷺ قَالَ يَا معشر الشَّبَاب من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوج فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ وَأحْصن لِلْفَرجِ وَمن لم يسْتَطع فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء
والباءة مُؤَن النِّكَاح بِأَن يتوق اليه ويجد مهر الْمثل وَكِسْوَة فصل وَنَفَقَة يَوْم وَلَيْلَة وَقيل الْجِمَاع وينافيه قَوْله وَمن لم يسْتَطع إِلَى آخِره اذ الْعَاجِز عَن الْجِمَاع لَا يحْتَاج لصوم
والشباب كِنَايَة عَن التائقين للجماع وَلَو شُيُوخًا نَظِير الترخيص فِي الْقبْلَة مَعَ الصَّوْم للشَّيْخ دون الشَّبَاب أَي لمن تحرّك شَهْوَته وَلَو شَيخا دون من لم تحركها وَلَو شَابًّا فكنى عَن الاول بالشباب وَعَن الثَّانِي بالشيخ نظرا للمظنة فيهمَا وَضمير انه للزَّوْج الْمَفْهُوم من يتَزَوَّج ووجاء أَي قَاطع للشهوة وَالْقطع فِي الصَّوْم نظرا لدوامه لَا لابتدائه فَإِنَّهُ يثير الْحَرَارَة ويهيجها
1 / 14
والامر بالتزوج للنَّدْب اذ لَا يجب عندنَا مُطلقًا الا بِالنذرِ فِي الْحَالة الَّتِي ينْدب فِيهَا وبالصوم لاجل قطع الشَّهْوَة أَي كسرهَا يدل على عدم قطعهَا بالكافور وَنَحْوه فقطعها بذلك قيل حرَام وَقيل مَكْرُوه وَالصَّوَاب ان قطعهَا من اصلها حرَام كالخصاء وَلَا من أَصْلهَا مَكْرُوه وَعَلِيهِ يحمل الْقَوْلَانِ وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والضياء أَنه ﷺ قَالَ عَلَيْكُم بالبائة أَي النِّكَاح عِنْدهمَا فَمن لم يسْتَطع فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ وَجَاء لَهُ
1 / 15
الحَدِيث الثَّانِي
عَن أنس بن مَالك أَن نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي ﷺ قَالَ بَعضهم لَا أَتزوّج النِّسَاء وَقَالَ بَعضهم لَا آكل اللَّحْم وَقَالَ بَعضهم لَا أَنَام على فرَاش فَبلغ ذَلِك النَّبِي ﷺ فَخَطب بِحَمْد الله فاثنى عَلَيْهِ وَقَالَ مَا بَال أَقوام يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا لكني أَنَام وأصلي وَأَصُوم وَأفْطر وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَأخرج أَيْضا عَن عبد الله بن عَمْرو ﵄ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ لَهُ أتصوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل قَالَ نعم فَقَالَ لَهُ النَّبِي ﷺ لكني أَصوم وَأفْطر وأصلي وأنام وأمس النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة ﵂ أَن عُثْمَان بن مَظْعُون أَرَادَ التبتل فَقَالَ لَهُ رَسُول الله ﷺ أترغب عَن سنتي قَالَ لَا وَالله لَكِن سنتك أُرِيد فَقَالَ إِنِّي أَنَام وأصلي وَأَصُوم وَأفْطر وأنكح النِّسَاء فَاتق الله يَا عُثْمَان فَأن لأهْلك عَلَيْك حَقًا فَصم وَأفْطر وصل ونم
قَالَ عِكْرِمَة وَغَيره سَبَب نزُول قَوْله تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾ أَن عُثْمَان هَذَا
1 / 16
وعليا وَجَمَاعَة آخَرين رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم تبتلوا فجلسوا فِي بُيُوتهم واعتزلوا النِّسَاء وحرموا طَيّبَات الْمطعم والملبس وهموا بالأختصاء فَنزلت هَذِه الْآيَة ناهية عَن ذَلِك ومعنا لَيْسَ مني لَيْسَ من أهل طريقتي المقتدين بِي هَذَا إِذا كَانَ معنى الرَّغْبَة الْإِعْرَاض عَن الْعَمَل بِالسنةِ فَحسب أما إِذا إنضم إِلَى ذَلِك الْإِعْرَاض احتقار السّنة قإنه يكون الْمَعْنى حِينَئِذٍ أَنه لَيْسَ من أهل ملتي وَهِي الْإِسْلَام لِأَن ذَلِك حِينَئِذٍ كفر نَظِير ماصرح بهم أَئِمَّتنَا فِي أَنه لَو قيل لأنسان قصّ أضافرك فَقَالَ لَا أَفعلهُ رَغْبَة عَن السّنة أَي مَعَ إحتقارها كفر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حَفْصَة أَنه ﷺ قَالَ لَا يدع أحدكُم طلب الْوَلَد فَإِن الرجل إِذْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ ولد انْقَطع أُسَمِّهِ
وَالتِّرْمِذِيّ الْحَكِيم عَن أبي الدَّرْدَاء ﵁ أَنه ﷺ قَالَ لن يُؤَخر الله نفسا إِذا جَاءَ أجلهَا وَإِنَّمَا زِيَادَة الْعُمر ذُرِّيَّة صَالِحَة يرزقها العَبْد يدعونَ لَهُ من بعد مَوته يلْحقهُ دعاؤهم وَأَبُو الشَّيْخ عَن بن عَبَّاس ﵄ أَنه ﷺ قَالَ لَهُ يَا بن عَبَّاس بَيت لَا صبيان فِيهِ لَا بركَة فِيهِ وَبَيت لَا خل فِيهِ فقار أَهله وَبَيت لَا تمر فِيهِ جِيَاع أَهله والديلمي من طرقين عَن بن عمر ﵄ أَنه ﷺ قَالَ يجمع الله أَطْفَال أمة مُحَمَّد فِي حِيَاض تَحت الْعَرْش فَيطلع عَلَيْهِم اطلاعة فَيَقُول مَالِي لم أَرَاكُم رافعي رؤوسكم فَيَقُولُونَ يَا رَبنَا الْآبَاء والأمهات فِي عَطش وَنحن فِي
1 / 17
هَذِه الْحِيَاض فيوحى إِلَيْهِم أَن اغرفوا فِي هَذِه الْآنِية من هَذَا المَاء ثمَّ تخللوا الصُّفُوف فأسقوا الْآبَاء والأمهات وَجَاء عَن الأشعت بن قيس قَالَ قلت يَا رَسُول الله ولد لي مَوْلُود وودت أَن يكون لي مَكَانَهُ سبع الْيَوْم فَقَالَ ﷺ لَا تقل ذَلِك فَإِن فيهم قُرَّة أعين واجرا إِذا قبضوا وَلَئِن قلت ذَلِك فَإِن فيهم لمجبنة ومبخلة وَلَا يُعَارض هَذِه الْأَحَادِيث المرغبة فِي النِّكَاح والطلبة لَهُ الحَدِيث خَيركُمْ فِي رَأس الْمِائَتَيْنِ الْخَفِيف الحاذ من لَا أهل لَهُ وَلَا مَال لِأَنَّهُ ضَعِيف جدا
والحاذ بِالتَّخْفِيفِ وبالمهلة ثمَّ بِالْمُعْجَمَةِ الْحَال وعَلى تَقْدِير صِحَّته فَهُوَ مَحْمُول على أَيَّام الْفِتَن وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيث كَثِيرَة كلهَا واهية كَحَدِيث سَيَأْتِي على النَّاس زمَان تحل فِيهِ الْعزبَة وَحَدِيث خير نِسَائِكُم بعد سِتِّينَ وَمِائَة العواقر وَخير أَوْلَادكُم بعد أَربع وَخمسين الْبَنَات
وروى التِّرْمِذِيّ حَدِيث إِن أغبط أوليائي عِنْدِي الْمُؤمن خَفِيف الحاذ وَضَعفه لَكِن صَححهُ الْحَاكِم من طَرِيق الشامين ومحمله مَا مر كَخَبَر
1 / 18
الْخَطِيب وَغَيره إِذا أحب الله العَبْد اقتناه لنَفسِهِ وَلم يشْغلهُ بِزَوْجَة وَلَا ولد وَيدل لهَذَا الْحمل خبر الديلمي يَأْتِي على النَّاس زمَان لِأَن يرى أحكم جرو كلب خير لَهُ من أَن يرى ولدا من صلبه وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن بن عَبَّاس وَأَبُو نعيم وَعَن حُذَيْفَة بِلَفْظ لِأَن يُربي أحدم جرو كلب بعد أَربع وَخمسين وَمِائَة خيرله من أَن يُربي ولدا لصلبه لَكِن فِي خبر من قَالَ فِيهِ الذَّهَبِيّ ذكر حَدِيثا مَوْضُوعا وَلَعَلَّه يُشِير إِلَى هَذَا وَأوردهُ بن الْجَوْزِيّ فِي الموضعات من وَجه آخر وَقَالَ الْمُتَّهم بِهِ الحكم بن مُصعب وَأخرج الْقُضَاعِي والديلمي بِسَنَدَيْنِ ضعيفين قلَّة الْعِيَال أحد اليسارين
وروى أَبُو يعلى من حسنت صلَاته وَكثر عِيَاله وَقل مَاله وَلم يغتب الْمُسلمين كَانَ معي فِي الْجنَّة كهاتين وروى بن مَاجَه ان الله يحب الْفَقِير الْمُتَعَفِّف أَبَا الْعِيَال وهما ضعيفان نعم روى الشَّيْخَانِ إِذا أنْفق الرجل على أَهله نَفَقَة وَهُوَ
1 / 19
يحتسبها كَانَت لَهُ صَدَقَة وَمهما أنفقت فَهُوَ لَك صَدَقَة حَتَّى اللُّقْمَة ترفعها فِي فِي أمرأتك ويوسف الْخفاف فِي مشيخته مَا أَخَاف على أمتِي فتْنَة أخوف عَلَيْهَا من النِّسَاء وَالطَّبَرَانِيّ مَا تركت بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء والنقاش وَابْن النجار مَا خلفت بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء وَمُسلم مَا رَأَيْت ناقصات عقل وَدين أغلب لِذَوي الْأَلْبَاب مِنْكُن وَأَبُو نعيم مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أسبي للب ذَوي الْأَلْبَاب
1 / 20
والدرقطني لَا يزَال الرِّجَال بِخَير مالم يطيعوا النِّسَاء وَالطَّبَرَانِيّ أما ان الْأَوْلَاد مَبْخَلَة مَحْزَنَة زَاد الْبَيْهَقِيّ مَجْبَنَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي رِوَايَة أُخْرَى ممهلة
1 / 21
الحَدِيث الثَّالِث
عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ان النَّبِي ﷺ قَالَ تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بِذَات الدّين تربت يداك
وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسَدّد رجالها ثِقَات
فَعَلَيْك بِذَات الدّين والخلق
وَفِي أُخْرَى عَن أبي يعلي وَاحْمَدْ باسناد صَحِيح وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحهمَا وَعبد بن حميد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم تنْكح الْمَرْأَة على احدى خِصَال ثَلَاث تنْكح الْمَرْأَة على مَالهَا وَتنْكح الْمَرْأَة على دينهَا وخلقها فَخذ بِذَات الدّين والخلق تربت يَمِينك
1 / 22
وَمعنى كَونهَا تنْكح لهَذِهِ الاربعة ان الْغَالِب قصد نِكَاحهَا لجميعها أَو مجموعها من غير نظر إِلَى ان قصد المَال غير مَحْمُود بِخِلَاف الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة فَإِنَّهُ مَطْلُوب لانه يسن لمريد التَّزَوُّج ان يتَزَوَّج دينة حَسَنَة جميلَة لَكِن لَا ذَات جمال بارع لانها تزهو عَلَيْهِ ويغلب من الفجرة التطلع لَهَا فَرُبمَا ادى بهَا ذَلِك إِلَى الْفَاحِشَة وَيَنْبَغِي ان يحمل على هَذَا حَدِيث ابْن مَاجَه لَا تنْكِحُوا النِّسَاء لحسنهن وَفِي رِوَايَة لَهُ لَا تكح الْمَرْأَة لجمالها فَلَعَلَّ جمَالهَا يرديها
ثمَّ رَأَيْت حَدِيثا آخر يُؤَيّد ذَلِك وَهُوَ
لَا تزوجوا النِّسَاء لحسنهن فَعَسَى حسنهنَّ ان يرديهن وَلَا تزوجوهن لاموالهن فَعَسَى اموالهن ان يطغيهن وَلَكِن تزوجوهن على الدّين وَلأمة جرباء سَوْدَاء ذَات دين أفضل رَوَاهُ ابْن مَاجَه ايضا وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَفِي رِوَايَة
لَا تنْكِحُوا الْمَرْأَة لحسنها فَعَسَى حسنها ان يرديها وَلَا تكحوا الْمَرْأَة لمالها فَعَسَى مَالهَا ان يطغيها وانكحوها لدينها فلأمة سَوْدَاء جرباء ذَات دين افضل من امْرَأَة حسناء لَا دين لَهَا
لَا يخْتَار حسن وَجه الْمَرْأَة على حسن دينهَا وَخير من تزوج امْرَأَة لمالها احرمه الله مَالهَا وجمالها قَالَ بعض الْحفاظ لم اقف عَلَيْهِ وَلَكِن عِنْد ابي نعيم فِي الْحِلْية من حَدِيث عبد السَّلَام بن عبد القدوس عَن ابراهيم عَن انس رَفعه
من تزوج امْرَأَة لعزها لم يزده الله الا ذلا وَمن تزَوجهَا لمالها لم يزده الله الا فقرا وَمن تزَوجهَا لحسنها لم يزده الله الا دناءة وَمن تزَوجهَا الا ليغض بَصَره ويحصن فرجه أَو تصل رَحمَه الا بَارك الله لَهُ فِيهَا وَبَارك لَهَا فِيهِ وَأخرجه ابْن
1 / 23
النجار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الاوسط عَن انس ايضا بِلَفْظ من تزوج امْرَأَة لعزها لم يزده الله ﷿ الا ذلا وَمن تزَوجهَا لمالها لم يزده الله تَعَالَى الا فقرا وَمن تزَوجهَا لحسنها لم يزده الله الا دناءة وَمن تزوج امْرَأَة ليغض بَصَره ويحصن فرجه وَتصل رَحمَه كَانَ ذَلِك منَّة وبورك لَهُ فِيهَا وَبَارك الله لَهَا فِيهِ وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء
وَأفَاد الحَدِيث الاول ان افضل هَذِه الثَّلَاثَة الدّين وَهُوَ ظَاهر وَمعنى تربت يداك أَي وصلتا إِلَى التُّرَاب من شدَّة الْفقر ان لم تظفر بِذَات الدّين
هَذَا أصل موضعهَا ثمَّ غلب اسْتِعْمَالهَا فِي الْحَث على الْمَطْلُوب أما أتربت فَمَعْنَاه اسْتَغْنَيْت وَقيل تربت بِمَعْنى استغنت أَي استغنت يداك ان ظَفرت بهَا
وَالتُّرَاب قد يتجوز بِهِ عَن المَال فِي قَوْلهم ممال فلَان عدد التُّرَاب كَذَا قيل وَلَا شَاهد وَلَا تجوز فِي قَوْلهم الْمَذْكُور فَتَأمل
قيل وَفِي لُغَة القبط ثربت بِالْمُثَلثَةِ أَي امتلأتا شحما من الثرات وَهُوَ الشَّحْم الْمُحِيط بالكرش
وَقيل تربت يداك يَعْنِي استوتا قُوَّة وبطشا قَالَ تَعَالَى ﴿أَتْرَابًا﴾ مستويات السن وَالْقد
وَقيل اليدان نعمتا الدُّنْيَا والاخرة أَي ان ظَفرت بِذَات الدّين ظَفرت بِهَاتَيْنِ النعمتين
1 / 24
وَالْحَاصِل انها اما للحث والتعريض أَو للدُّعَاء عَلَيْهِ بالفقر وَعَلِيهِ الزُّهْرِيّ قَالَ لِأَنَّهُ ﷺ لم يقل لَهُ ذَلِك الا لكَونه رأى ان الْفقر خير لَهُ من الْغنى
وَقيل انها للدُّعَاء لَهُ بِكَثْرَة المَال أَي اظفر بِذَات الدّين وَلَا تلْتَفت إِلَى المَال اكثر الله مَالك وَرجحه بَعضهم
وروى الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس ﵃ أَنه ﷺ قَالَ إِذا تزوج الْمَرْأَة لدينها وجمالها كَانَ فِيهَا سدادا من عوز
وروى أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ النّظر إِلَى الْمَرْأَة الْحَسْنَاء والخضرة يزيدان فِي الْبَصَر
1 / 25
الحَدِيث الرَّابِع
عَن أنس بن مَالك ﵁ قَالَ
كَانَ رَسُول الله ﷺ يَأْمر بِالْبَاءَةِ وَينْهى عَن التبتل نهيا شَدِيدا وَيَقُول تزوجوا الْوَدُود الْوَلُود اني مُكَاثِر بكم الانبياء يَوْم الْقِيَامَة = الاوسط وَالْبَيْهَقِيّ وَآخَرُونَ =
وَله شَاهد عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان ايضا من حَدِيث معقل بن يسَار مَرْفُوعا
تزوجوا الْوَدُود الْوَلُود فَإِنِّي مُكَاثِر بكم الامم
وَلابْن مَاجَه عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ انكحوا فَإِنِّي مُكَاثِر بكم
وَمعنى يَأْمر بِالْبَاءَةِ أَي بِالنِّكَاحِ لأجل الْقُدْرَة عَلَيْهِ وعَلى مؤنه كَمَا مر
والتبتل الاختصاء الْحسي وَهُوَ حرَام اجماعا والمعنوي بِأَكْل مَا يقطع الشَّهْوَة وَقد مر انه تَارَة حرَام وَتارَة مَكْرُوه
والولود كَثِيرَة الاولاد وَيعرف ذَلِك فِي الْبكر بأقاربها
وَمعنى مُكَاثِر بكم الانبياء أَي اممهم
من تبتل فَلَيْسَ منا
1 / 26
وروى أَحْمد والشيخان وَالنَّسَائِيّ عَن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن سَمُرَة أَنه ﷺ نهى عَن التبتل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر ﵄ والرامهرمزي فِي الْأَمْثَال عَن جَابر وَفِي سَنَده ضعيفان النِّسَاء ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف كالوعاء تحمل وتضع وصنف كالعرة وَهِي الجرب وصنف ودود ولود سَلمَة تعين زَوجهَا على إيمَانه وَهِي خير لَهُ من الْكَنْز وَجَاء عَن عَليّ ﵁ وكرم الله وَجهه عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ يعرف الْمُؤمن بركته عِنْد ربه بِأَن يرى ولدا لَهُ كَافِيا قبل الْمَوْت
1 / 27
الحَدِيث الْخَامِس
عَن ابْن عَمْرو ﵄ ان النَّبِي ﷺ قَالَ
الدُّنْيَا كلهَا مَتَاع وَخير متاعها الْمَرْأَة الصَّالِحَة = الْمُسْتَدْرك عَن ابْن عَبَّاس ﵄ انه ﷺ قَالَ =
من رزقه الله امْرَأَة صَالِحَة فقد اعانه على شطر دينه فليتق الله فِي الشّطْر الثَّانِي
وروى ابْن مَاجَه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي امامة انه ﷺ قَالَ
مَا اسْتَفَادَ الْمُؤمن بعد تقوى الله ﷿ خيرا لَهُ من زَوْجَة صَالِحَة ان أمرهَا اطاعته وان نظر اليها سرته وان اقْسمْ عَلَيْهَا ابرته وان غَابَ عَنْهَا نَصَحته فِي نَفسهَا وَمَاله وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مُقْتَصرا عل جزئيه الاولين قَالَ غَيره وَسَنَده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد تدل على انه لَهُ اصلا
وَفِي رِوَايَة مُرْسلَة
خير فَائِدَة افادها الْمُسلم بعد اسلامه امْرَأَة جميلَة يسر اذا نظر اليها وَتُطِيعهُ اذا أمرهَا وَتَحفظه فِي غيبته فِي مَالهَا ونفسها
1 / 28
وَفِي رِوَايَة صَحِيحَة
خير نِسَائِكُم الَّتِي اذا نظر اليها زَوجهَا سرته واذا امرها اطاعته واذا غَابَ عَنْهَا حفظته فِي نَفسهَا وَمَاله
وَفِي اخرى صَحِيحه ايضا
وَلَا تخَالفه فِي نَفسهَا وَلَا مَالهَا
وَفِي اخرى صَحِيحَة
فِي نَفسهَا وَمَاله
1 / 29
الحَدِيث السَّادِس
عَن جَابر بن عبد الله ﵄
ان النَّبِي ﷺ قَالَ لَهُ حِين أخبرهُ انه تزوج ثَيِّبًا فَهَلا بكرا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك
وَفِي رِوَايَة مُسلم
فَأَيْنَ انت من العذارء ولعابها
وَفِي اخرى
فَهَلا تزوجت بكرا تضاحكك وتضاحكها وتلاعبك وتلاعبها
ولعابها بِكَسْر اللَّام فِي مُسلم لَا غير وَوَقع فِي بعض نسخ البُخَارِيّ بضَمهَا وَحمل الْجُمْهُور تلاعبها على اللّعب الْمَعْرُوف لرِوَايَة
تضاحكها وتضاحكك وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن كَعْب بن عجْرَة ﵁
فَهَلا بكرا تعضها وتعضك
وَقَالَ بَعضهم قيل ان يكون من اللعاب وَهُوَ الرِّيق
1 / 30
قَالَ
عَلَيْكُم بالابكار فَإِنَّهُنَّ اعذب افواها وانتق ارحاما أَو أَكثر اولادا وأسخن اقبالا وأرضى باليسير من الْعَمَل
عَلَيْكُم بالابكار فَإِنَّهُنَّ أعذب أفواها وأنتق ارحاما وأرضى باليسير
وروى الشِّيرَازِيّ فِي الالقاب عَن بشر بن عَاصِم عَن أَبِيه عَن جده انه ﷺ قَالَ
عَلَيْكُم بشواب النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ أطيب افواها وأنتق بطونا وأسخن اقبالا
وروى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود ﵁ انه ﷺ قَالَ
تزوجوا الابكار فَإِنَّهُنَّ أعذب افواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير
وَفِي رِوَايَة مُرْسلَة
عَلَيْكُم بابكار النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ أطيب افواها وأسخن جُلُودًا
وَفِي اخرى مُرْسلَة ايضا
عَلَيْكُم بالجواري الشواب فانكحوهن فَإِنَّهُنَّ افْتَحْ ارحاما وأعز أَخْلَاقًا وَأطيب أفواها ان ذَرَارِي الْمُؤمنِينَ وازواجهم فِي عصافير خضر فِي شجر الْجنَّة يكفلهم ابوهم ابراهيم
وَأخرج احْمَد انه ﷺ قَالَ لجَابِر
مَالك وللعذارى ولعابهن
1 / 31