فلا يمر فيه أحد، حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل، لم تأت عليه الشمس بعد، فنزلنا عندها، فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا، ينام فيه رسول الله ﷺ في ظلها. ثم بسطت عليه فروة، ثم قلت: نم يا رسول الله! وأنا أنفضلك ما حولك، فنام، وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا، فلقيته، فقلت: لمن أنت يا غلام؟
قال: لرجل من أهل المدينة.
فقلت: أفي غنمك لبن؟
قال: نعم.
قلت: أفتحلب لي؟
قال: نعم، فأخذ شاة، فقلت له: انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى.
قال: (فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض)، فحلب لي في فعب معه (٦/ ب) كثبة من لبن.
قال: ومعي إداوة أرتوي فيها للنبي ﷺ ليشرب منها ويتوضأ.
قال: فأتيت النبي ﷺ فكرهت أن أوقظه من نومه؛ فوقفت حتى استيقظ. (وفي رواية: فوافقته حين استيقظ). فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله.
فقلت: يا رسول الله: اشرب اللبن. فشرب حتى رضيت.
ثم قال لي: (ألم يأن للرحيل؟).
قلت: بلى.
قال: فارتحلنا بعدما زالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، ونحن في جلد من الأرض.
فقلت: يا رسول الله، أتينا .. فقال ﴿لا تحزن إن الله معنا﴾، فدعا عليه رسول الله ﷺ، فارتطمت فرسه إلى بطنها- أرى-.
1 / 55