L'Éclaircissement dans l'Histoire des Imams des Maîtres
الإفادة في تاريخ أئمة السادة
Genres
وحكى لي مشائخنا ببغداد، وأظن أني سمعت هذه الحكاية من كافي الكفاه، وهي أن أبا الحسن لما مات حضر أبو عبد الله بن الداعي رضي الله عنه جنازته، وحضرها أبو تمام الزينبي وهو نقيب العباسيين، فكان شيخنا أبو عبد الله [البصري] يحب أن يصلي عليه أبو عبد الله بن الداعي، وأبو بكر الدامغاني وهو من متقدمي أصحاب أبي الحسن وحفاظهم، وكان أبو الحسن حين غلبت عليه الرطوبة في آخر أيامه وثقل لسانه وانقطع عن التدريس استنابه للفتيا عنه كان يميل إلى أن يصلي عليه أبو تمام الزينبي؛ لأنه كان يختص به كما يختص شيخنا أبو عبد الله [البصري] بأبي عبد الله بن الداعي رضي الله عنه، فحين وضعت الجنازة، إحتال أبو بكر هذا بأن تقدم إلى بين يدي أبي عبد الله بن الداعي، فقال: أيها السيد أنت أحق الناس بالتقدم، ولا يجوز أن يتقدم عليك أحد وقد حضرت، ولكنك تعلم أن مثل هذا الشيخ يقبح أن يصلى عليه علىخلاف مذهبه، وقد علمت أن مذهبه أن تكبير الجنائز أربعا، فإذا رأيت أن تكبر عليه أربعا فافعل. فانتهره رضي الله عنه وقال: أنا لا أكبر إلا خمسا فمن شاء فليتقدم، فحينئذ تقدم أبو تمام وصلى عليه.
ثم اختلف رضي الله عنه إلى شيخنا أبي عبد الله [البصري] وكان يواظب على حضور مجلسه، وقرأ عليه أكثر كتب أصحابنا في الكلام وعلق.
وحدثني أبو العباس العماري الطبري قال: كنت أراعيه رضي الله عنه خمس عشرة سنة وهو ينصب له في داره في كل صيفة خيش على عادة بغداد، فتمر تلك الصيفة ولا يكون قد دخله، وكان السبب في ذلك أنه يبكر ويركب إلى مجلس أبي عبد الله البصري، ويعود قريبا من نصف النهار وقد اشتد الحر فلا يتمكن من دخول الخيش لأن من دخل الخيش؛ ببغداد وقد حمي بدنه وأصابه الحر يزكم في الحال، فلم يدخل الخيش خمس عشرة سنة حرصا على العلم!!
Page 134