كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة
للإمام الرباني يحيى بن شرف النووي رحمه الله تعالى
وعليه
الإفصاح على مسائل الإيضاح على مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم
تأليف
عبد الفتاح حسين رواه المكي
دار البشائر الإسلامية - المكتبة الأمدادية، مكة المكرمة
Page inconnue
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 2
كتاب الإيضاح
في مناسك الحج والعمرة
1 / 3
حقوُق هَذِه الطّبعَة مَحفُوظَة
لدَار البشَائر الإسلاميَّة
والمكتبة الإمدَاديَّة
حقُوُق الطَّبع مَحفُوظَة
الطبعَة الثانيَة
١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
دار البشائر الإسلامية
للطبَاعَة وَالنشرَ والتوَزيع بَيروت - لبنان - ص. ب: ٥٩٥٥ - ١٤
المكتبة الإمدادية
السعُودية - مكة المكرمة - تجاه بَاب العمرة - هَاتف: ٥٤٥٨٠٨٤
1 / 4
التعريف بصاحب الإِيضاح
رحمه الله تعالى
هو الإِمام العلامة شيخ الإِسلام أستاذ المتأخرين وحجة الله على اللاحقين والداعي إلى سبيل السالفين محرر مذهب الشافعي ومهذبه ومنقحه ومرتبه، فقيه المحدثين، ومحدِّث الفقهاء الحافظ أبو زكريا يحيى بن شرف بن موسى بن حسن بن حسين بن حزام بن محمد بن جمعة النووي الشافعي.
مولده رحمه الله تعالى:
ولد في العشر الأول من المحرم عام ٦٣١ أحد وثلاثين وستمائة ببلدة نوى (قرية من قرى دمشق بمرتفعات الجولان) وبها نشأ، وحفظ القرآن العظيم.
رحلته إلى دمشق لطلب العلم:
قال رحمه الله تعالى: فلما كان عمري تسع عشرة سنة قدم بي والدي في سنة تسع وأربعين وستمائة إلى دمشق فسكنت المدرسة الرواحية وبقيت نحو سنتين لا أضع جنبي بالأرض وأتقوَّت بجراية المدرسة لا غير، وحفظت التنبيه في نحو أربعة أشهر ونصف ثم حفظت ربع العبادات من المهذب في
1 / 5
باقي السنة، وجعلت أشرح وأصحح على شيخنا الكمال إسحاق المغربي ولازمته فأعجب بي لما رأى من ملازمتي للاشتغال، وعدم اختلاطي بالناس وأحبني محبة شديدة، وجعلني معيد الدرس بحلقته لأكثر الجماعة. قال ابن العطار رحمه الله تعالى: ذكر الشيخ لي أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسًا على المشايخ شرحًا يعني في الدين وأصوله، والفقه وفصوله، والحديث ومصطلحه، واللغة والمنطق. قال: وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل وإيضاح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي واشتغالي وأعانني عليه.
مشايخه رحمه الله تعالى:
أخذ عن إسحاق بن أحمد المغربي وعبد الرحمن بن نوح المقدسي، وعمر بن أسعد الإربلي، وخالد بن يوسف النابلسي، والضياء بن تمام الحنفي وأحمد بن سالم المصري، ومحمد بن عبد الله بن مالك الجَيّاني صاحب الألفية وعمر بن بندر التفليسي، وإبراهيم بن علي الواسطي، وأحمد بن عبد الدائم المقدسي، وإسماعيل بن أبي اليسر التنوخي، وعبد الرحمن بن سالم الأنباري، وعبد الرحمن بن محمد قُدامة المقدسي، وعبد العزيز بن محمد الأنصاري وغيرهم رحمهم الله تعالى.
تفننه في العلوم:
تفنن ﵀ في أصناف من العلوم فقهًا، فكان المرجع والمعوَّل عليه في فقه الشافعي رحمه الله تعالى، ومتون أحاديث، وأسماء رجال، فجمع بين الرواية والدراية، فكان أول أهل زمانه معرفة، وحفظًا وإتقانًا وضبطًا لحديث رسول الله ﷺ، وعلمًا بعِلله وصحيحه وأسانيده، فالنووي فقيه المحدِّثين،
1 / 6
ومحدِّث الفقهاء. بل صار علمًا يشار إليه بالبنان في زمانه، ومرجعًا يعتمد عليه، غير منازَع ولا مدافَع رحمه الله تعالى.
توليته التدريس:
بعد أن اكتملت للنووي ﵀ أدوات الحديث والفقه قام بتدريسهما في المدرسة الإِقبالية التي أنشاها جمال الدين إقبال سنة ٦٠٣ هـ ثم قام بالتدريس في المدرسة الركنية التي أسسها ركن الدين منكورس، والمدرسة الخَلَفية التي أقامها خلف الدين سليمان، ثم ولي دار الحديث سنة ٦٦٥ هـ فلم يأخذ من معلومها شيئًا حتى توفي رحمه الله تعالى.
تلاميذه رحمه الله تعالى:
أخذ عنه علاء الدين بن العطار، وأحمد بن إبراهيم بن مُصعَب، وأحمد بن محمد الجعفري، وأحمد بن فرح الإِشبيلي، والرشيد إسماعيل بن المعلِّم الحنفي، ومحمد بن أبي الفتح الحنبلي، وأحمد الضرير الواسطي، وسليمان بن عمر الدِّرعي، وعبد الرحمن بن محمد المقدسي، والبدر بن جماعة، ومحمد بن النقيب، ومحمد بن عبد الخالق الأنصاري، وهبة الله بن عبد الرحيم البارزي، ويوسف بن عبد الرحمن المِزِّيّ، وغيرهم رحمهم الله تعالى.
مناقبه رحمه الله تعالى:
ذكر والده أنه كان نائمًا إلى جنبه وهو ابن سبع سنين، ليلة سبع وعشرين من رمضان، فانتبه نحو نصف الليل، وقال: يا أبت ما هذا الضوء الذي ملأ الدار، قال: فاستيقظنا، ولم نرَ كلنا شيئًا، فعرفت أنها ليلة القدر.
وقال العارف الأستاذ ياسين بن يوسف الزركشي: رأيت الشيخ وهو ابن عشر
1 / 7
سنين بنوى والصبيان يُكرهونه على اللعب معهم وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فوقع في قلبي حبه، ووضعه أبوه في مكان فكان لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن، قال: فأتيت الذي يقرئه القرآن فوصيته به خيرًا، وقلت: هذا الصبي يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم، وينتفع الناس به، فقال لي: منجم أنت؟! قلت: لا وإنما أنطقني الله بذلك، فذكر ذلك لوالده فحرص عليه إلى أن ختم القرآن، وقد ناهز الاحتلام.
كراماته رحِمه الله تعالى:
منها أنها أضاءت أصبعه له بإذن الله تعالى لما فقد وقت التصنيف ما يُسرِجه عليه.
شمائله رحمه الله تعالى:
كان على جانب عظيم من الورع والزهد، قال الذهبي رحمه الله تعالى: كان عديم الميرة والرفاهية والتنعم مع التقوى والقناعة والورع والمراقبة لله تعالى في السر والعلانية، وترك رعونات النفس من ثياب حسنة ومأكل طيب، وتجمل في هيئة، بل طعامه جِلْف (١) الخبز بأيسر إدام، ولباسه ثوب خام، وسختِيانية (٢) لطيفة. وكان لا يأكل من فاكهة دمشق لما في ضياعها (٣) من الحيلة والشبهة، وكان يتقوت مما يأتي من بلده من عند والديه، ولا يأكل إلا
_________
(١) الجلف: الجاف الشديد.
(٢) السختيانية: جبة تلبس فوق الثوب.
(٣) الضياع: جمع ضيعة بفتح الضاد وسكون الياء وهي الحديقة، أو القطعة المزروعة من الأرض.
1 / 8
أكلة واحدة في اليوم والليلة بعد العشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، ولم يتزوج، وكان كثير السهر في العبادة والتصنيف، ولذا قال ابن السبكي رحمهما الله تعالى: إنه كان سيدًا حصورًا وزهدًا، لم يبال بخراب الدنيا، إذا صير دينه ربعًا معمورًا له الزهد والقناعة، ومتابعة السالفين من أهل السنّة والجماعة، والمصابرة على أنواع الخير، لا يصرف ساعة في غير طاعة.
كانت عليه سكينة ووقار في البحث مع العلماء وفي غيره، وكان آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، يواجه بهما المملوك والأمراء، ويكتب إليهم الرسائل ناصحًا بالعدل فى الرعية، وإبطال المكوس (١)، وردّ الحقوق إلى أربابها. قال أبو العباس بن فرج رحمه الله تعالى: كان الشيخ قد صارت إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص شُدت إليه الرحال. المرتبة الأولى: العلم، الثانية: الزهد، الثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: إنه قام على الظاهر في دار العدل في قضية الغوطة لما أراد وضع الأملاك على بساتينها فردّ عليهم ذلك، ووقى الله شرها بعد أن غضب السلطان، وأراد البطش به، ثم بعد ذلك أحبه وعظمه، حتى كان يقول: أنا أفزع منه.
وفاته رحمه الله تعالى:
سافر في آخر عمره إلى بلده نوى بعدما حج وزار القدس ووصل الخليل فمرض بها عند والديه وتوفي ليلة الأربعاء لست بقين من رجب سنة ٦٧٦ هـ ست وسبعين وستمائة، ولما بلغ نعيه إلى دمشق أسف عليه
_________
(١) المكوس: بضم الميم جمع مَكس وهو ما يفرضه الحاكم من الإتاوة عن السلع التي تباع أو تجلب وغير ذلك.
1 / 9
المسلمون أسفًا شديدًا، وتوجه قاضي القضاة عز الدين محمد بن الصائغ وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة عليه ورثاه جماعة كثيرون، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين.
مصنفاته رحمه الله تعالى:
شرح مسلم، ورياض الصالحين، والأذكار، والأربعون النووية وشرحها، وتهذيب الأسماء واللغات، وطبقات الفقهاء، والتبيان، والمناسك الصغرى، والكبرى، والمنهاج، ودقائقه، والفتاوى، وتصنيف في الاستسقاء، وتصنيف في استحباب القيام لأهل الفضل ونحوهم، وتصنيف في قسمة الغنائم، وتصحيح التنبيه، والنكت عليه، والإيجاز، والإرشاد، والتقريب، والمبهمات، ومناقب الشافعي، وخلاصة الإِحكام في مهمات الأحكام، وبستان العارفين، وجامع السنة، وروضة الطالبين التي عليها المعوّل في الترجيح وبقولها المقول في التصحيح. هذه مؤلفاته التي أتمها رحمه الله تعالى.
ومن مؤلفاته التي لم يتمها المجموع شرح المهذب، وصل فيه إلى أثناء الربا وهو أجل مؤلفاته لو كان تمامه على يديه، التحقيق شرح مطول على التنبيه، التنقيح شرح الوسيط، الإِشارات وهو كتاب على الروضة كالدقائق على المنهاج، وشرح قطعة من صحيح البخاري وقطعة من سنن أبي داود وغير ذلك.
مما ينسب إلى الإِمام النووي رحمه الله تعالى:
بادر إلى حفظ الحديث وكَتبه ... واجهد على تصحيحه في كُتبه
واسمعه من أشياخه نقلًا كما ... سمعوه من أشياخهم تسعد به
1 / 10
وتجنب التصحيف فيه فربما ... أدى إلى تغييره عن لفظه
وتتبع العالي الصحيح فإنه ... نطق النبي لنا به عن ربه
فكفى المحدث رتبة أن يرتضى ... ويعد من أهل الحديث وحزبه
وفي الختام أسال الله الكريم أن يرحمني ويرحم المؤلف ووالدينا والمسلمين والمسلمات ويحشرنا في زمرة سيد المرسلين سيدنا محمد وآله صلى الله وسلم عليه وعليهم بقدر حبه فيه وفيهم إلى يوم الدين وعلينا وعلى المسلمين والمسلمات بمنّه وكرمه آمين.
التعريف بصاحب الحاشية على الإيضاح ﵀ آمين
هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن على بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري المكي. والهيتمي: بالتاء المثناة لا بالثاء المثلثة كما هو شائع كما أفاده غير واحد من الفضلاء. ترجمة العيدروس في وفيات الأكابر فقال: وفي رجب سنة أربع وسبعين وتسعمائة توفي الشيخ الإمام شيخ الإسلام شهاب الدين. ثم قال: وكان بحرًا في علم الفقه وتحقيق لا تكدره الدلاء، وإمام الحرمين كما أجمع على ذلك العارفون، وانعقدت عليه خناصر الملأ، ولد في رجب سنه تسع وتسعمائة، ومات أبوه وهو صغير فكفله الإمامان الكاملان علمًا وعملًا، العارف شمس الدين بن أبي الخمائل، وشمس الدين الشناوي، وكان قد حفظ القرآن العظيم في صغره، ومن مشايخه الذين أخذ عنهم شيخ الإسلام القاضي زكريا [الأنصاري] الشافعي.
والشيخ الإِمام المعمَّر الزينى السنباطي، والشهاب الرملي الشافعي وغيرهم، وأذن له بعضهم بالإفتاء والتدريس، وعمره دون العشرين، وبرع في علوم
1 / 11
كثيرة منها: التفسير، والحديث، وعلم الكلام، وأصول الفقه، وفروعه، والفرائض، والحساب، والنجوم، والصرف، والمعاني، والبيان، والمنطق، والتصوف. ومن محفوظاته في الفقه: المنهاج للنووي، ومقروءاته كثيرة لا يمكن تعدادها. وأما إجازات المشايخ له فكثيرة جدًا وقد استوعبها ﵀ في معجم مشايخه. وقَدِم مكة في آخر سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة فحج وجاور بها في السنة التي تليها، ثم عاد إلى مصر ثم حج بعياله في آخر سنة سبع وثلاثين ثم حج سنة أربعين وجاور من ذلك الوقت بمكة المشرّفة وأقام بها يؤلف ويفتي ويدرس إلى أن توفي، فكانت مدة إقامته بها ثلاثًا وثلاثين سنة.
ومن مؤلفاته: شرح المشكاة نحو الربع، وشرح المنهاج للنووي في مجلدين ضخمين، وشرحان على الإِرشاد للمقري: كبير وهو المسمى بالإِمداد، وصغير وهو المسمى فتح الجواد، وشرح همزية البوصيري، وشرح الأربعين النووية، والصواعق المحرقة على أهل البدع والضلال والزندقة، وكف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع، والزواجر عن اقتراف الكبائر، ونصيحة الملوك، وشرح مختصر الفقيه عبد الله بافضل المسمى المنهج القويم في مسائل التعليم، والإعلام بقواطع الإسلام، وشرح العباب المسمى بالإِيعاب، وشرح قطعة من ألفية ابن مالك، وشرح مختصر أبي الحسن البكري في الفقه، وشرح مختصر الروض لكن لم يتم، وله حاشية على الإيضاح، وحاشية غير تامة على شرح المنهاج وحاشية على العباب، واختصر الإيضاح والإرشاد والروض والأخير لم يتم، ومناقب أبي حنيفة الجواهر الحسان في مناقب النعمان، والتعرف في الأصلين والتصوف، ومنظومة في أصول الدين وشرح عين الدين في التصوف ولم يتم.
1 / 12
والهيتمي نسبة إلى محلة أبي الهيتم من إقليم الغربية بمصر. والسعدي نسبة إلى بني سعد بإقليم الشرقية من أقاليم مصر أيضًا ومسكنه الشرقية لكنه انتقل إلى محلة أبي الهيتم في الغربية، وأمّا شهرته بابن حجر فقيل: إن أحد أجداده كان ملازمًا للصمت لا يتكلم إلا عند ضرورة أو حاجة فشبهوه بحجر ملقى لا ينطق، فقالوا: حجر، ثم اشتهر بذلك. وقد اشتهر بهذا اللقب أيضًا شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني ﵀، فكان صاحب الترجمة يشبهه في فنه الذي اشتهر به وهو الحديث مع ما منحه الله به من الزيادة عليه من علم الفقه الذي لم يشتهر به الحافظ العسقلاني هذا الاشتهار كيف لا وهو سَميّه فأشبهه اسمًا ووصفًا وزادته نسبته إلى جوار الحرم الشريف شرفًا. قلت: من مؤلفاته فتاوى في الفقه كبرى وصغرى، والفتاوى الحديثية، انتهى من مختصر كتاب نشر النور والزهر للشيخ عبد الله مرداد رحمه الله تعالى، أقول: ولصاحب الترجمة رحمه الله تعالى أيضًا من المؤلفات: تحفة المحتاج بشرح المنهاج "عشرة أجزاء" والإِفادة فيما جاء في المرضى والعيادة، وتحرير المقال فيما يحتاجه مؤدب الأطفال، وتلخيص الأحراء في تعليق الطلاق بالإِبراء، وتكفير الكبائر وشرح بانت سعاد ومبلغ القرب في فخر العرب، والإفصاح عن أحاديث النكاح، وأشرف المداخل إلى معرفة الشمائل، والأربعين العدلية وتنبيه الأخيار، وتطهير العيبة من دنس الغيبة، وثبت شيوخه ودر الغمامة في در الطيلسان والعامة، وقرة العين في أن التبرؤ لا يبطله الدين، والمناهل العذبة في إصلاح الكعبة، وإتحاف أهل الإِسلام بخصوصيات الصيام، انتهى من مقدمة الأستاذ محمود النواوي على إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام قمت باختصاره والتعليق عليه ولله الحمد والمنهة وسميتة (مختصر إتحاف أهل الإِسلام بخصوصيات الصيام) وذكرت في التعليق عليه أقوال الأئمة الأربعة رحم الله الجميع آمين، وهو مطبوع نفع الله به
1 / 13
وبجميع كتبي كما نفع بأصولها آمين، وللمترجم له وقف عقار بمكة في محلتي سوق الليل والقشاشية يدخل فيه آل المرحومي وآل سنبل وبعض من قال المفتي الأحناف لأنهم أسباطه فإنه لم يعقب ذكورًا والله أعلم. أقول: ذكر الأستاذ محمود النواوي في مقدمته السالفة الذكر في ترجمة المحقق ابن حجر المكي أن وفاته كانت سنة ٩٩٥ هـ ثم قال: ومن الناس من يقول إنها كانت سنة ٩٧٥ هـ وهذا تفاوت بعيد وإنما العلم عند الله وحده. اهـ. أقول: جاء في حاشية المترجم له على إيضاح الإِمام النووي أنه فرغ من تحريرها غروب شمس ثامن ذي الحجة سنة ٩٧٩ هـ، فهذا مما يدل على أن المترجم له عاش بعد ما قاله بعض الناس والمترجم له ومَنْ شاكله سلفًا وخلفًا من أهل العلم قد خلّدَ الله ذكرهم بالعلم بسبب إخلاصهم فهم أحياء على مدى الأزمان والدهور ورحم الله القائل:
أخو العلم حيٌّ خالد بعد موته ... وأوصاله بين التراب رميم
وذو الجهل مَيْت وهو يمشي على الثرى ... يُعَدُ من الأحياء وهو عديم
التعريف بمؤلف الإِفصاح
كان الله له آمين
هو عبد الفتاح بن حسين بن إسماعيل بن محمد طيب راوه المكي. ولد بمكة المكرمة عام ١٣٣٤ هـ تقريبًا، ذكر له والده رحمه الله تعالى أن جدهم نزل أرض راوه كوت راجا بأندونيسيا، وأصله عمودي من حضرموت والعلم عند الله ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] نسأله تعالى أن يتغمدنا بعفوه آمين.
تلقى مبادئ القراءة والكتابة في بعض كتاتيب مكة المكرمة على بعض
1 / 14
المشايخ. منهم الشيخ الورع الصالح عبد الحميد المليباري وكان يدرس بالموضع المعروف بمولد السيد فاطمة الزهراء بنت رسول الله ﷺ بزقاق الحجر شارع الصاغة، يقوم عليه الآن بناء مدرسة تحفيظ القرآن، ثم أدخل مدرسة المسعى في ذلك الحين بمدرسة الخياط رحمه الله تعالى ثم تلقى علومه بمدرستي الفلاح والصولتية وبالمسجد الحرام على عدة مشايخ.
منهم مسند الحرمين ومحدثهما شيخه وشيخ مشايخه العلامة الشيخ عمر حمدان المحروسي المتوفي بالمدينة المنورة عام ١٣٦٨ هـ وقد أجازه بجميع مروياته وكتب له بذلك بخط يده على ثبت الشيخ محفوظ الترمسي ﵀ وهي موجودة بثبت المؤلف المسمى بالمصاعد الراويَّة إلى الأسانيد والكتب والمتون المرضية وهو مطبوع نفع الله به وبجميع كتبي آمين.
ومنهم العلامة الورع شيخة وشيخ مشايخه الشيخ عيسى بن محمد رواس المتوفى بمكة عام ١٣٦٥ هـ.
ومنهم العلامة المتفنن الشيخ محمد علي بن حسين المالكي المتوفى بالطائف عام ١٣٦٧ هـ.
ومنهم العلامة الورع الزاهد الشيخ إبراهيم الخزامي المكي المقرئ والد الأستاذ صالح الخزامي المفتش سابقًا بوزارة المعارف السعودية المتوفى بمكة المكرمة.
ومنهم العلامة الشريف العلوي الحبيب عيدروس بن سالم البار المتوفى بمكة عام ١٣٦٧ هـ وقد أجازه بجميع مروياته وكتب له بذلك إجازة وهي مذكرة في ثبت المؤلف المسمى بالمصاعد الراويّة إلى الأسانيد والكتب والمتون المرضية وهو مطبوع نفع الله به آمين.
1 / 15
ومنهم السيد العلوي العلامة بكر بن سالم البار المتوفى بمكة.
ومنهم الشيخ العلامة حسن بن محمد المشاط المتوفى بمكة صبح الأربعاء بتاريخ ٧/ ١٠/ ١٣٩٩ هـ.
ومنهم العلامة الشيخ يحيى أمان المتوفى بمكة عام ١٣٨٩ هـ.
ومنهم الشيخ العلامة محمد العربي التباني الجزائري المتوفى بمكة عام ١٣٩٠ هـ.
ومنهم المحدث الشيخ عبد الله بخاري النمنقداني المدرس بالمدرسة الصولتية سابقًا المتوفى بمكة عام ١٣٦٢ هـ وله بها عقب منهم الكاتب الشهير عبد الكريم عبد الله نيازي.
ومنهم السيد العلامة بكر حبشي والسيد طاهر حبشي المتوفيان بمكة والسيد العلامة محمد أمين كتبي المتوفى بمكة يوم الاثنين ٤/ ١/ ١٤٠٤ هـ والسيد العلامة علوي بن عباس المالكي المتوفى بمكة بتاريخ ٢٥/ ٢/ ١٣٩١ هـ وأجازه بجميع مروياته وكتب له إجازة بخطه على ثبته المسمى إتحاف ذوي الهمم العلية وهي موجودة بالمصاعد الراوية، والعلامة الشيخ محمد نور سيف والعلامة الشيخ زكريا عبد الله بيلا، والشيخ أحمد آل منصور الفقيه. والشيخ زبير فلفلان والشيخ عبد الرحمن أسعد اليمني والسيد محمد سليمان نوري، والشيخ عبد السلام عمر الداغستاني والشيخ حامد كعكي والشيخ العلامة السيد حسن سعيد اليماني والشيغ العلامة سعيد الخليدي اليمني رحمه الله تعالى والشيخ العلامة أحمد ناضرين والسيد العلامة إسحق عزوز.
1 / 16
ومنهم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رئيس مجلس القضاء والرئيس العام للإشراف الديني على المسجد الحرام، حضر بعض مجالسه العلمية، المتوفى بمكة المكرمة ليلة الخميس ٢١/ ١١/ ١٤٠٢ هـ ودفن بالعدل بمكة.
وأجازه بعض من شاركه في الأخذ عن بعض مشايخه (منهم) العلامة الفقية الشيخ عبد الله بن سعيد محمد عبادي اللحجي الحضرمي وكتب له بذلك إجازة عامة على ثبته المسمى بكتاب المرقاة إلى الرواية والرواة وهي موجودة بالمصاعد الراوية، ومنهم العلامة المسند المتفنن الشيخ محمد ياسين بن عيسى الفاداني المكي المتوفى ٢٨/ ١٢/ ١٤١٠ وكتب له بذلك إجازة خاصة بأسانيد الصحيحين والسنن الأربعة والموطأ وعامة بسائر مروياته. وأجازه أيضا بمجموعة المسلسلات والأوائل والأسانيد العالية وهي موجودة بالمصاعد الراوية. ومنهم العلامة المحدث الفقيه الأصولي عبد الله الصديق الحسني الطنجي المغربي وكتب له بذلك إجازة على ثبت العلامة عبد الله الشبراوي الذي يليه ارتشاف الرحيق من أسانيد عبد الله الصديق بجميع ما حواه هذا الثبت وبجميع مروياته ومؤلفاته وهي موجودة بالمصاعد الراوية وغير هؤلاء العلماء الفضلاء ممن لم تذكر أسماؤهم جزاه الله وجزاهم خير الجزاء ورحمه ورحمهم والمسلمين والمسلمات آمين.
ثم أجيز بالتدريس بالمسجد الحرام عام ١٣٥٧ هـ. وعيّن مدرسًا بدار الأيتام بمكة إلى غاية ٢٩/ ٩/ ١٣٥٩ هـ. وكان من الأساتذة الذين تخرج على أيديهم الفوج الأول من دار الأيتام؛ كالسيد العقيد محسن عنقاوي، والسيد عبد العزيز أولياء رحمه الله تعالى رئيس إدارة الجوازات والجنسية بجدة سابقا، والعقيد هاشم عبد المولى، والعقيد يوسف نجار رحمه الله تعالى،
1 / 17
والعقيد سعيد الكردي، والعقيد محمد الغرابي العسيري، وجميع زملائهم.
ثم في آخر عام ١٣٥٩ هـ. انتقل إلى مديرية المعارف في عهد مديرها السيد طاهر الدباغ رحمه الله تعالى، فعين مديرًا لمدرسة خميس مشيط بجنوب المملكة العربية السعودية وكان أول مدير لها، فتخرج على يديه بمدرسة خميس مشيط جمع ممن يشغلون الآن وظائف حكومية؛ منهم الأستاذ فهد بن عليط كاتب إمارة بيشة، والأستاذ محمد سعد أبو كف، والأستاذ سعد بن محمسة، وأولاد ابن برقان، وأولاد سعيد عوض، وجماعة من آل عبد الوهاب أبي ملحة، وآل عطرس، وآل بن باحص، وآل ابن قرعة، وسليمان بن محمد المطوع، وآل ابن نابت ناصر وأخوه، وسعيد بن ظافر بن حمدان، وكثير غيرهم نفع الله بهم تلك الجهة بالتدريس وبث العلم ثم طلب النقل للقرب من مكة المكرمة فعين مدرسًا من الدرجة الأولى بالمدرسة السعودية بجدة حيث لم توجد إدارة مدرسة شاغرة حينذاك ثم طلب النقل إلى مدارس مكة عام ١٣٦٥ هـ فعين مدرسًا بالمدرسة الفيصلية ثم مساعد مدير المدرسة الرحمانية الأستاذ عبد الله الساسي ﵀ عام ١٣٧٣ هـ ثم في عام ١٣٧٩ هـ عين مدرسًا ثانويًا بالمدرسة العزيزية الثانوية ثم في عام ١٣٩٤ هـ أحيل إلى التقاعد حسب النظام، ثم في عام ١٣٩٥ هـ طلب مدرسًا بمعهد المسجد الحرام تبع الشؤون الدينية، فدرس به، وفي أيام العطلة الصيفية يدرس بمسجد ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالطائف، وبمسجد الهادي بالطائف أيضًا.
مؤلفاته:
التعليق الأسنى شرح منظومة أسماء الله الحسنى، نظمت في اثني عشر بيتًا سهلة للحفظ، وسيد ولد آدم ﷺ في السيرة النبوية، ومختصر إتحاف أهل
1 / 18
الإسلام بخصوصيات الصيام، اختصر فيه كتاب العلامة أحمد بن حجر الهيتمي المكي رحمه الله تعالى، وإتحاف الصديق بمناقب الصديق أبي بكر ﵁، والكوكب الأغر على قطف الثمر في موافقات عمر ﵁ للقرآن والتوراة والأثر، والاتزان في مناقب عثمان رضي الله تعالى عنه، وملتقى الأصفياء في مناقب الإِمام علي والسبطين والزهراء رضوان الله تعالى عليهم جميعًا، والدرر اللؤلؤية على النفحة الحسنية شرح التحفة السنية في علم الفرائض، والمجموعة الراويّة شرح المنظومة الرحبية وهي شرح مبسط بالجدول والشبابيك أيضًا يكتفي طالب علم الفرائض في هذه العصور بهما عن غيرهما إن شاء الله تعالى، ومرشد الحاج والمعتمر والزائر إلى أعمال الحج والعمرة والزيارة، والسيدة الكبرى خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها، وهي رسالة في مناقبها، وزيادة تعليق على رياض الصالحين، والإفصاح عن مسائل الإيضاح للإمام النووي على مذاهب الأئمة الأعلام في المناسك وهو هذا الكتاب، والدعاء المقبول الوارد عن الرسول ﷺ وسؤال وجواب في الأحوال الأربعينية في علم الميراث، والمصاعد الرواية ثبت ذكر فيه المؤلف مشايخه ومجيزيه، وتاريخ أمراء مكة البلد الحرام عبر عصور سلام والجميع مطبوع نفع الله به آمين.
أولاده: خمسة عشر ولدًا، من الذكور ثمانية: عثمان، ومعتوق، ومحمد علي، وعبد العزيز، وخالد، ومصطفى، وأحمد، وإبراهيم. ومن الإناث سبع، كان الله له ولهم وللمسلمين والمسلمات ورحم الله الجميع أحياءً وأمواتًا آمين.
1 / 19
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة صاحب الإِفصاح
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة من رب العالمين للخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد القائل: "أفضل الجهاد حج مبرور" والقائل: "من حج هذا البيت فلم يَرْفُثْ ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" والقائل: "خذوا عني مناسككم" وعلى آله وصحبه شموس الهداية والدين وعلى من اقتفى آثارهم واهتدى بهديهم ودعا بدعوتهم آمين.
أما بعد: فقد وفقني الله بحوله وقوته فقمت بتلخيص كتيب في المناسك لخصته من كتاب الإِيضاح للإمام النووي وحاشيته للمحقق العلامة ابن حجر الهيتمي المكي رحمني الله ورحمهما وإخواني المسلمين والمسلمات رحمة الأبرار آمين.
وسميته "مرشد الحاج والمعتمر والزائر إلى أعمال الحج والعمرة والزيارة" وهو مطبوع نفع الله به وبجميع كتبي آمين. وبقي في نفسي أنْ أقوم بتعليق على كتاب الإيضاح أُبيِّنُ فيه مسائله على أقوال الأئمة، الذين اصطفاهم الله واختارهم من العباد، وألهمهم رشدهم وسلك بهم منهج
1 / 21