السكاكي: ومنه "كل رجل عارف"، وكل إنسان حيوان.
وفيه نظر: لأن كلمة كل: تارة تقع تأسيسًا -وذلك إذا أفادت الشمول من أصله، حتى لولا مكانها لما عقل- وتارة تقع تأكيدًا وذلك إذالم تفده من أصله، بل تمنع أن يكون اللفظ المقتضى له مستعملًا في غيره- أما الأول فهو أن تكون مضافة إلى نكرة، كقوله تعالى: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ وقوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا﴾ وقوله: ﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون﴾، وأما الثاني فما عدا ذلك، كقوله تعالى: ﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُم﴾ . وهي في قوله: كل رجل عارف وكل إنسان حيوان من الأول لا الثاني١؛ لأنها لو حذفت منهمالم يفهم الشمول أصلًا.
١ أي للتأسيس لا للتأكيد.
بيان المسند إليه ١:
وأما بيانه وتفسيره: فلا يضاحه باسم مختص به٢ كقولك: "قدم صديقك خالد".
١ أي تعقيب المسند إليه بعطف البيان.
٢ المراد بالإيضاح رفع الاحتمال فيه سواء كان نكرة أم معرفة.
هذا ولا يلزم أن يكون الثاني أوضح من الأول كما يدل عليه كلام سيبويه لجواز أن يحصل الإيضاح من اجتماعهما. وقد يكون عطف البيان بغير اسم مختص به كقوله:
والمؤمن العائذات الطير يمسحها ... ركبان مكة بين الغيل والسند
فالواو للقسم، والمؤمن: هو الله تعالى من الأمان، والطير: عطف بيان للعائذات، والغيل والسند: موضعان في جانب الحرم، فيهما الماء، والعائذات مفعول "مؤمن" أو مضاف إليه. وجواب القسم في البيت التالي وهو "ما إن أتيت إلخ"، فالطير عطف بيان للعائذات مع أنه ليس اسمًا يختص بها. هذا وقد يجيء عطف البيان لغير الإيضاح كالمدح في قوله تعالى: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾، فالبيت الحرام عطف بيان للكعبة جيء به للمدح لا للإيضاح كما تجيء الصفة لذلك.