وأصل بن عَطاء الَّذِي عَزله الْحسن الْبَصْرِيّ عَن حلقته أَو اعتزل هُوَ عَنْهَا
فقد نفوا صِفَات الْمعَانِي من جِهَة استقلالها كصفات قَائِمَة بِاللَّه تَعَالَى على مَا هُوَ اعْتِقَاد أهل السّنة فَقَالُوا فِي الْإِرَادَة وَالْعلم وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر إِنَّه مُرِيد بِذَاتِهِ وعالم بِذَاتِهِ إِلَى آخرهَا وَلم يَقُولُوا مُرِيد بِصفة الْإِرَادَة الَّتِي لَيست هِيَ هُوَ وَلَا غَيره وَمن ثمَّ سَمَّاهُ بَعضهم نفاة الصِّفَات وهم لم ينفوا الصِّفَات وَإِنَّمَا نفوا استقلالها كَمَا تقدم وَلذَا لم يكفرهم السّلف الصَّالح أَو أَكْثَرهم فِي هَذَا الشَّأْن
وَكَانَ الَّذِي زين لَهُم ذَلِك الْحِرْص على تَوْحِيد الله تَعَالَى وتنزيهه عَن الْعدَد وَالْكَثْرَة فَكَانَ نزغة من نزغات الشَّيْطَان وَإِلَّا فَمن يَقُول إِن تعدد الصِّفَات تدل على تعدد الذَّات أيا كَانَت تِلْكَ الصِّفَات وزين لَهُم ذَلِك وَغَيره اغترارهم بِالْعقلِ وتحكيمه فِي النُّصُوص الشَّرْعِيَّة من الْكتاب وَالسّنة فِي بعض الْأَحْوَال وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فزعموا أَن الله تَعَالَى لَا يرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ فِي الْجنَّة مَعَ ثُبُوت الرُّؤْيَة بالنصوص الصَّرِيحَة فِي الْكتاب وَالسّنة خوفًا مِنْهُم على التَّنْزِيه والوقوع فِي التَّشْبِيه وَزَعَمُوا أَن العَبْد هُوَ الَّذِي يخلق افعال نَفسه وَزَعَمُوا أَن الْمَقْتُول ميت قبل أَجله وَأَن رزق الله تَعَالَى لعَبْدِهِ هُوَ الْحَلَال فَقَط فَمن يَأْكُل الْحَرَام فَغير الله هُوَ رازقه وَزَعَمُوا أَن الله تَعَالَى فِي كل مَكَان كَمَا زَعَمُوا أَن كَلَام الله تَعَالَى مَخْلُوق وَغير ذَلِك
واندفعوا بعد ذَلِك يجادلون ويناقشون وهم قوم أُوتُوا الجدل يردون كثيرا من نُصُوص الصِّفَات اعْتِمَادًا على عُقُولهمْ غافلين عَن أَن الْعُقُول من خلق الله تَعَالَى وَلَا يُمكن أَن يدْرك الْمَخْلُوق خالقه وَصِفَاته وَإِنَّمَا يُؤمن بذلك على مَا ورد
وَقد نقل الإِمَام الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَحَادِيث فِي نزُول الله تَعَالَى وَفِي روية الْمُؤمنِينَ لَهُ ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ إِلَى عباد بن الْعَوام قَالَ قدم علينا شريك بن عبد الله مُنْذُ نَحْو من سنة قَالَ فَقلت يَا أَبَا عبد الله إِن عندنَا قوما من الْمُعْتَزلَة يُنكرُونَ هَذِه الْأَحَادِيث قَالَ فَحَدثني بِنَحْوِ من عشرَة أَحَادِيث فِي هَذَا وَقَالَ أما نَحن فقد أَخذنَا ديننَا هَذَا عَن التَّابِعين عَن أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ فهم عَمَّن أخذُوا
1 / 36