فصل
الْكَلَام فِي ذَات الله تَعَالَى وَصِفَاته
اتّفق أهل الْعقل والفطرة السليمة من الْجِنّ وَالْإِنْس على وجود الله تَعَالَى بل وجوب وجوده سُبْحَانَهُ وكما دلّ على هَذِه الْحَقِيقَة الْكُبْرَى الْفطْرَة السليمة المودعة فِي النُّفُوس والعقول الْخَالِصَة من الْهوى والمودعة فِي الرؤوس فقد دلّ كَذَلِك البراهيم والحجج الْقَائِمَة فِي الْإِنْسَان من جسم وَنَفس وروح وعقل وعاطفة وَفِي الْحَيَوَان والنبات وَفِي الأَرْض والرمل وَالتُّرَاب وَالْحجر والسهل والجبل وَفِي السَّمَاء من ريَاح وأمطار وليل ونهار فِي جَمِيعهَا آيَات تدل على الْخَالِق الْوَاحِد الْأَحَد سُبْحَانَهُ
جَمِيع الْمَخْلُوقَات مهيأة بالفطرة لوظيفة فِي حَيَاتهَا يحفظها ويقيها المهالك مَا استقامت على الْفطْرَة إِلَى مَا شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء
فَكل الْأَحْيَاء من حشرات وزواحف وفقاريات وَمن طَائِر يطير بجناحيه فِي الْهَوَاء وَمن حَيَوَان مائي وبرمائي وبري وجبلي مَا من مَخْلُوق من هَذِه الْمَخْلُوقَات إِلَّا وَهِي تنتظم فِي أمة ذَات خَصَائِص وَاحِدَة وَطَرِيقَة فِي الْحَيَاة وَاحِدَة خلقت مفطورة على اتجاه معِين فِي الْحَيَاة ونظمت خلايا تكوينها على شكل لَا يُمكن أَن يخرج بِسَبَبِهَا حَيَوَان من فطرته ونظامه وَلَا نَبَات عَن جنسه وَمَا أودع الله تَعَالَى فِيهِ فَلَنْ يَنْقَلِب كَمَا لم يحصل قطّ القط إِلَى كلب وَلَا السّمك إِلَى حَيَوَان بري وَلَا الثوم بصلا وَلَا الْبَصَر كراثا
وَمن يقْرَأ فِي الْإِنْسَان الْإِنْسَان ذَلِك الْمَجْهُول والطب محراب للْإيمَان وَفِي أعماق الْإِنْسَان يجد مَا يُقَوي يقينه فِي الْخَالِق البارىء سُبْحَانَهُ وَمن يقْرَأ مَعَ الله فِي السَّمَاء وَمَعَ الله فِي الأَرْض والجائزة أَو لماذا أومن وَحِكْمَة الْمَخْلُوقَات للْإِمَام الْغَزالِيّ وَالْعلم يزحف تأليف جيمس ستوكلي وآيات الْخَالِق الكونية والنفسية للأستاذ رشيد رشدي العابري وأمثالها يَزُول عَن عقله كل لوثة شُبْهَة فِي وجود الْخَالِق البارىء المصور سُبْحَانَهُ ﴿الَّذِي خلق فسوى﴾ وَلَكِن من سبقت لَهُ الشقاوة فركن إِلَى الْهوى وَلم
1 / 19