126

Idah

الإيضاح (ج1) لعامر الشماخي

فهذا يدل على أن القليل من الماء لا ينجسه القليل من النجاسة، وأيضا لو كان القيل من الماء يؤثر فيه القليل من النجاسة لما كان لتطهير الأنجاس([12]) من البدن والثوب غاية لأنه كلما صب على موضع النجس القليل من الماء نجسه وكلما صب عليه نجسه يصير منجوسا أبدا، ولحديث الأعرابي وحديث جابر فرق قوم بين ورود الماء على النجس وورود النجس على الماء. قالوا: إن ورد الماء على النجس صار طاهرا كما في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وإن ورد النجس على الماء صار الماء نجسا كما في حديث أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل أو يتوضأ منه ). وأما من ذهب إلى كراهية القليل من الماء إذا خالطه القليل من النجاسة فإنه يرى على الجمع بين القولين والله أعلم، وأما من اعتبر القلة والكثرة في ماء الأمطار قال: إنما جاءت الرواية في ماء المطر خاصة وذلك أنه عليه الصلاة والسلام: سئل عن السباع ترد الحياض وتشرب منها فقال عليه الصلاة والسلام: ( إذا كان الماء قد قلتين لم يحتمل خبثا ) ([13])، والله أعلم. واختلف العلماء الذين اعتبروا القلة والكثرة أيضا في حد القلة والكثرة المذكورتين، فقال قوم: الحد في ذلك قلتا ماء لقوله عليه الصلاة والسلام: ( قلتا ماء لا ينجسهما شيء ) واختلفوا في مقدار القلتين فقال أكثر أصحابنا رحمهم الله تعالى: القلة هي الجرة التي يحملها الخادم في العادة الجارية من استخدام العبيد بها، والقلة مأخوذة من استقل فلان بحمله إذا طاقه وحمله، والقلة اسم يقع على الكوز الصغير، والكبير والجرة الكبيرة التي لا يستطيع القوي من الرجال أن يحملها، ويدل على هذا قول جميل:

Page 127