L'Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Chercheur
سليم بن عيد الهلالي
Maison d'édition
دار ابن عفان
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Lieu d'édition
السعودية
بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا ﷺ خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: ٣]، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمُبْتَدِعَ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ، وَمَشَاقٌّ لَهُ; لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ عَيَّنَ لِمَطَالِبِ الْعَبْدِ طُرُقًا خَاصَّةً عَلَى وُجُوهٍ خَاصَّةٍ، وَقَصَرَ الْخَلْقَ عَلَيْهَا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْخَيْرَ فِيهَا، وَأَنَّ الشَّرَّ فِي تَعَدِّيهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَرْسَلَ الرَّسُولَ ﷺ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ. فَالْمُبْتَدِعُ رَادٌّ لِهَذَا كُلِّهِ، فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ ثَمَّ طُرُقًا أُخَرَ، لَيْسَ مَا حَصَرَهُ الشَّارِعُ بِمَحْصُورٍ، وَلَا مَا عَيَّنَهُ بِمُتَعَيِّنٍ، كَأَنَّ الشَّارِعَ يَعْلَمُ وَنَحْنُ أَيْضًا نَعْلَمُ، بَلْ رُبَّمَا يَفْهَمُ مِنِ اسْتِدْرَاكِهِ الطُّرُقَ عَلَى الشَّارِعِ، أَنَّهُ عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الشَّارِعُ، وَهَذَا إِنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلْمُبْتَدِعِ; فَهُوَ كُفْرٌ بِالشَّرِيعَةِ وَالشَّارِعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ; فَهُوَ ضَلَالٌ مُبِينٌ.
وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁، إِذْ كَتَبَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَأَةَ يَسْتَشِيرُهُ فِي بَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ؟ فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
أَمَّا بَعْدُ; فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالِاقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ، وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ فِيمَا قَدْ جَرَتْ سُنَّتُهُ وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ.
فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ ; فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَرَفَ مَا فِي خِلَافِهَا مِنَ الْخَطَأِ وَالزَّلَلِ وَالْحُمْقِ وَالتَّعَمُّقِ.
فَارْضَ لِنَفْسِكَ بِمَا رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ; فَإِنَّهُمْ عَلَى عِلْمٍ وَقَفُوا،
1 / 65