403

L'Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Enquêteur

سليم بن عيد الهلالي

Maison d'édition

دار ابن عفان

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Lieu d'édition

السعودية

(مِنْ) خُطُوَاتِ الشيْطَانِ، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٧]، ادْنُ فَكُلْ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ.
وَعَلَى ذَلِكَ جَرَّتِ الْفُتْيَا فِي الْإِسْلَامِ؛ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ؛ لَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ بِشَيْءٍ؛ فَلْيَأْكُلْ إِنْ كَانَ مَأْكُولًا، وَلْيَشْرَبْ إِنْ كَانَ مَشْرُوبًا، وَلْيَلْبَسْ إِنْ كَانَ مَلْبُوسًا، وَلْيَمْلِكْ إِنْ كَانَ مَمْلُوكًا، وَكَأَنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجَةِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ التَّحْرِيمَ طَلَاقٌ كَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ شَهِدَ بِكَوْنِهِ اعْتِدَاءً، حَتَّى إِنَّهُ إِنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ وَطْءَ أَمَةِ غَيْرِهِ قَاصِدًا بِهِ الْعِتْقَ؛ فَوَطْؤُهَا حَلَالٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَشْيَاءِ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْمَسْكَنِ وَالصَّمْتِ وَالِاسْتِظْلَالِ وَالِاسْتِضْحَاءِ. . .
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي النَّاذِرِ لِلصَّوْمِ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ سَاكِتًا؛ فَإِنَّهُ تَحْرِيمٌ لِلْجُلُوسِ وَالِاسْتِظْلَالِ وَالْكَلَامِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ أَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ وَالتَّكَلُّمِ وَالِاسْتِظْلَالِ.
قَالَ مَالِكٌ: " أَمَرَهُ لِيُتِمَّ مَا كَانَ لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ، وَيَتْرُكْ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ ".
فَتَأَمَّلُوا كَيْفَ جَعَلَ مَالِكٌ تَرْكَ الْحَلَالِ مَعْصِيَةً! وَهُوَ مُقْتَضَى الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ١٩٠] الْآيَةَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ لِصَاحِبِ الضَّرْعِ: " هَذَا مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ".
وَقَدْ ضَعَّفَ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ الِاسْتِدْلَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِالْحَدِيثِ،

1 / 423