356

L'Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Enquêteur

سليم بن عيد الهلالي

Maison d'édition

دار ابن عفان

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Lieu d'édition

السعودية

يَجْرِ بِهِ عَمَلُ مَنْ تَقَدَّمَهُ دَائِمًا، فَسَمَّاهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ، لَا أَنَّهُ أَمْرٌ عَلَى خِلَافِ مَا ثَبَتَ مِنَ السُّنَّةِ.
فَكَأَنَّ أَبَا أُمَامَةَ اعْتَبَرَ فِيهِ نَظَرَ ذَلِكَ الْعَمَلِ بِهِ، فَسَمَّاهُ إِحْدَاثًا؛ مُوَافَقَةً لِتَسْمِيَةِ عُمَرَ ﵁، ثُمَّ أَمَرَ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ أَنَّ تَرْكَ الرِّعَايَةِ هُوَ تُرْكُ دَوَامِهِمْ عَلَى الْتِزَامِ عَمَلٍ لَيْسَ بِمَكْتُوبٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، فَلَمْ يُوفُوا بِمُقْتَضَى مَا الْتَزَمُوهُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ فِي التَّطَوُعَاتِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ، وَلَا السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تُؤْخَذَ عَلَى أَصْلِهَا فِيمَا اسْتَطَاعَ الْإِنْسَانُ، فَتَارَةً يَنْشَطُ لَهَا وَتَارَةً لَا يَنْشَطُ، أَوْ يُمْكِنُهُ تَارَةً بِحَسْبِ الْعَادَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ أُخْرَى لِمُزَاحَمَةِ أَشْغَالٍ وَنَحْوِهَا. . . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ كَالرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْيَوْمَ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيَتَصَدَّقُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ غَدًا، أَوْ يَكُونُ لَهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْشَطُ لِلْعَطَاءِ، أَوْ يَرَى إِمْسَاكَهُ أَصْلَحَ فِي عَادَتِهِ الْجَارِيَةِ لَهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الطَّارِئَةِ لِلْإِنْسَانِ.
فَهَذَا الْوَجْهُ لَا حَرَجَ عَلَى أَحَدٍ تَرَكَ التَّطَوُعَاتِ كُلَّهَا، وَلَا لَوْمَ عَلَيْهِ، إِذْ لَوْ كَانَ ثَمَّ لَوْمٌ أَوْ عُتْبٌ؛ لَمْ يَكُنْ تَطَوُّعًا، وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَأْخُذَ مَأْخَذَ الْمُلْتَزِمَاتِ؛ كَالرَّجُلِ يَتَّخِذُ لِنَفْسِهِ وَظِيفَةً رَاتِبَةً مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، كَالْتِزَامِ قِيَامِ حَظٍّ مِنَ اللَّيْلِ مَثَلًا، وَصِيَامِ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ لِفَضْلٍ ثَبَتَ فِيهِ عَلَى الْخُصُوصِ؛ كَعَاشُورَاءَ وَعَرَفَةَ، أَوْ يَتَّخِذُ وَظِيفَةً مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ. . . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَهَذَا الْوَجْهُ أَخَذَتْ فِيهِ التَّطَوُعَاتُ مَأْخَذَ الْوَاجِبَاتِ مِنْ وَجْهٍ؛ أَنَّهُ لَمَّا

1 / 376