328

L'Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Chercheur

سليم بن عيد الهلالي

Maison d'édition

دار ابن عفان

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Lieu d'édition

السعودية

لِيَعِظَ نَفْسَهُ أَوْ يُنَشِّطَهَا أَوْ يُحَرِّكَهَا لِمُقْتَضَى مَعْنَى الشِّعْرِ، أَوْ يَذَكِّرَهَا ذِكْرًا مُطْلَقًا:
كَمَا حَكَى أَبُو الْحَسَنِ الْقَرَافِيُّ الصُّوفِيُّ عَنِ الْحَسَنِ: " أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنَّ لَنَا إِمَامًا إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ تَغَنَّى، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هُوَ؟ فَذُكِرَ لَهُ الرَّجُلُ. فَقَالَ: قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ؛ فَإِنَّا إِنْ وَجَّهْنَا إِلَيْهِ يَظُنُّ أَنَّا تَجَسَّسْنَا عَلَيْهِ أَمْرَهُ. قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى أَتَوُا الرَّجُلَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا أَنْ نَظَرَ إِلَى عُمَرَ قَامَ فَاسْتَقْبَلَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا حَاجَتُكَ؟ وَمَا جَاءَ بِكَ؟ إِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ لَنَا؛ كُنَّا أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْكَ أَنْ نَأْتِيَكَ، وَإِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ لَكَ؛ فَأَحَقُّ مَنْ عَظَّمْنَاهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيَحَكَ! بَلَغَنِي عَنْكَ أَمْرٌ سَاءَنِي، قَالَ: وَمَا هُوَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَتَتَمَجَّنُ فِي عِبَادَتِكَ؟ قَالَ: لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَكِنَّهَا عِظَةٌ أَعِظُ بِهَا نَفْسِي. قَالَ عُمَرُ: قُلْهَا، فَإِنْ كَانَ كَلَامًا حَسَنًا قُلْتُهُ مَعَكَ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا نَهَيْتُكَ عَنْهُ. فَقَالَ:
وَفُؤَادٍ كُلَّمَا عَاتَبْتُهُ ... فِي مَدَى الْهِجْرَانِ يَبْغِي تَعَبِي
لَا أَرَاهُ الدَّهْرَ إِلَّا لَاهِيًا ... فِي تَمَادِيهِ فَقَدْ بَرَّحَ بِي
يَا قَرِينَ السُّوءِ مَا هَذَا الصِّبَا ... فَنِيَ الْعُمْرُ كَذَا فِي اللَّعِبِ
وَشَبَابٌ بَانَ عَنِّي فَمَضَى ... قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ مِنْهُ أَرَبِي
مَا أُرَجِّي بَعْدَهُ إِلَّا الْفَنَا ... ضَيَّقَ الشَّيْبُ عَلَيَّ مَطْلَبِي
وَيْحَ نَفْسِي لَا أَرَاهَا أَبَدًا ... فِي جَمِيلٍ لَا وَلَا فِي أَدَبِ
نَفْسُ لَا كُنْتِ وَلَا كَانَ الْهَوَى ... رَاقِبِي الْمَوْلَى وَخَافِي وَارْهَبِي

1 / 347