L'Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Chercheur
سليم بن عيد الهلالي
Maison d'édition
دار ابن عفان
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Lieu d'édition
السعودية
فَهَذِهِ مَجَالِسُ الذِّكْرِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَهِيَ الَّتِي حَرَمَهَا اللَّهُ أَهْلَ الْبِدَعِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ التَّصَوُّفِ.
فَقَلَّمَا تَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ يُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا عَلَى اللَّحْنِ؛ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا، وَلَا يَعْرِفُ كَيْفَ يَتَعَبَّدُ، وَلَا كَيْفَ يَسْتَنْجِي، أَوْ يَتَوَضَّأُ، أَوْ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَكَيْفَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَهُمْ قَدْ حُرِمُوا مَجَالِسَ الذِّكْرِ الَّتِي تَغْشَاهَا الرَّحْمَةُ، وَتَنْزِلُ فِيهَا السَّكِينَةُ، وَتَحُفُّ بِهَا الْمَلَائِكَةُ؟!.
فَبِانْطِمَاسِ هَذَا النُّورِ عَنْهُمْ ضَلُّوا، فَاقْتَدَوْا بِجُهَّالٍ أَمْثَالِهِمْ، وَأَخَذُوا يَقْرَؤُنَ الْأَحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ وَالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ فَيُنْزِلُونَهَا عَلَى آرَائِهِمْ لَا عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا، فَخَرَجُوا عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ إِلَى أَنْ يَجْتَمِعُوا وَيَقْرَأَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ يَكُونُ حَسَنَ الصَّوْتِ طَيِّبَ النَّغْمَةِ جَيِّدَ التَّلْحِينِ تُشْبِهُ قِرَاءَتُهُ الْغَنَاءَ الْمَذْمُومَ، ثُمَّ يَقُولُونَ: تَعَالَوْا نَذْكُرُ اللَّهَ، فَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ؛ يُمْشُونَ ذَلِكَ الذِّكْرَ مُدَاوَلَةً، طَائِفَةٌ فِي جِهَةٍ، وَطَائِفَةٌ فِي جِهَةٍ أُخْرَى، عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ يُشْبِهُ الْغِنَاءَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَذَا مِنْ مَجَالِسِ الذِّكْرِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا.
وَكَذَبُوا؛ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ حَقًّا؛ لَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ أَوْلَى بِإِدْرَاكِهِ وَفَهْمِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَإِلَّا؛ فَأَيْنَ فِي الْكِتَابِ أَوْ فِي السُّنَّةِ الِاجْتِمَاعُ لِلذِّكْرِ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ عَالِيًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [الأعراف: ٥٥]؟!.
وَالْمُعْتَدُونَ - فِي التَّفْسِيرِ - هُمُ الرَّافِعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالدُّعَاءِ.
1 / 342